لا أحد يعرف هل ما تشهده البلاد حاليا من تصاعد أعمال العنف الطائفى.. هل هو من تراجع زلزال اغتيال زعيم القاعدة أسامة بن لادن؟! الأمر خطير فى حادث كنيسة إمبابة والذى خلف مقتل 12 وإصابة أكثر من مائتى شخص، ما بين مسلمين ومسيحيين، مشيرا إلى تصاعد الأزمة.. وأن الطائفية تكاد تفتك بالبلد وبالوحدة الوطنية.. ولكن ربط الأحداث باغتيال بن لادن.. يجىء إلى أننا تلقينا بالفعل منذ أقل من سنة تهديدات من تنظيم القاعدة بهدم الكنائس فى مصر... من خلال مطالبهم المختلفة.. فالحادث الأخير أعاد إلى الذهن هذه التحديات ولكن لا بد أن نذكر معه مجموعة من الإيجابيات لأن جماعة الإخوان المسلمين تستنكر الحادث تماما وتنفى ما يحدث من عنف ضد الأقباط.. على أى حال الأمر ليس من السهولة حسمه فى سرعة، أن اغتيال بن لادن بقدر ما كان مفاجئا، بقدر ما كان مخططا له منذ أكثر من خمس عشر عاما وقبل هدم البرجين فى 11 سبتمبر 2000... لأن أسامة بن لادن هو أعلى حالات الخلط بين السياسة والدين فى حبكة كاملة، فقد تمكن من تكوين جماعة قوية أصبحت على مدى السنوات فزاعة تخيف وترهب وقد نجح بن لادن فى أول معاركه بعد أن تعاون مع الأمريكان فى مؤامرة لهزيمة الاتحاد السوفيتى المنحل ضد أفغانستان.. وبعد نجاج بن لادن، كان الثمن أنه صار أحد أهم أصدقاء أمريكا.. إلا أن طموحة المبكر الذى تخطى حدوده جعل أمريكا تبدأ فى مرحلة التخلى عنه وبدأت رحلة العداء التى انتهت بهدم برجى التجارة العالمى، وأعقبها مقتله منذ أيام ودفنه فى البحر، المدهش أن هذه الخطوة جعلت من بن لادن بطلا شعبيا فى باكستان، الموطن الذى مات فيه.. وفى نفس الوقت صار يوم رحيله عيدا فى الغرب "أمريكا وأوروبا" بل أكدت المصادر الشعبية بالكونجرس أن هذا القرار الجرىء بقتل بن لادن، سيكون أهم أسباب إعادة انتخاب الرئيس الأمريكى أوباما رئيسا لأمريكا فى ولايته الثانية.. فقد اعتبر الأمريكان أن واقعة مقتل بن لادن حدثا تاريخيا باعتباره عدوهم اللدود والذى قتل فى أحداث 11 سبتمبر، أكثر من مائة ألف أمريكى، أما بعض الغرب فيم يرون زعيما ومناضلا يسعى لاستعادة حقوق المسلمين والعرب فكثير من الأصوليين الإسلاميين، يقدمونه شهيدا باعتباره امتداد لصلاح الدين الأيوبى، والظاهر بيبرس وجمال عبد الناصر، وقد كانت لبن لادن بالنسبة لهؤلاء مبدأ ثابت، فكان مصرا على أن يعيش فى مجمع سكنى فى باكستان تم تصميمه بنفس أسلوب مساكن فلسطين القديمة فى زمن الاحتلال البريطانى، وهى نفس الخريطة التى تم تخطيطها لمدينة القدس المحتلة، كل ذلك جعل من القضية الفلسطينية والعربية محركا أساسيا لفكره وحولها تدور كل طموحاته، فقد تأكد أنه يبحث عن دور يتحرك من خلاله، اليوم بعد رحيله بات من الواضح أن هناك رؤية جديدة ينتظرها العالم، وبعد هذا السيل من التحذيرات التى انتشرت خلال أيام بسيطة فقط، فقد تعهد تنظيم القاعدة بالأخذ بالثأر ليس من منطلق، قتل مقابل قتل، ولكن اعتبار أن المرحلة القادمة هى سنوات الحرب المقدسة حيث أصبح التحدى الأكبر، هو إثبات وجود وقيم تنظيم القاعدة، وأنه ليس من بين التنظيمات الإرهابية، فكثير من العرب يعرفون أن بن لادن هو أمير الأرهاب وهو يستعين بالدين كشكل فقط، وغطاء خارجى، وأما فى الداخل فكل الموجود هو أسلحة، وقنابل، ولكن المدهش أن كثير من أتباع بن لادن، بدءوا يتقلصون ليس فقط بعد قتله ولكن منذ جريمة 11 سبتمبر التى غيرت من المفهوم، واحتسبت تماما ضمن خانة الإرهاب، فإذا كان العالم حاليا يعاد ترتيبه فإن القاعدة لا بد أن تعيد ترتيبها أيضا، لأنها ضد كل الثوابت، فالمملكة العربية السعودية والتى تعتبر الأرض المقدسة وقبلة الإسلام فى العالم، أكدت أن بن لادن خارج عن تعاليم الإسلام، وأنه فقط شرعيته الدينية ولجأ إلى الإرهاب الدولى والتسليح من أجل الأزمات، وهذا مرفوض دينيا، إلا إذا أقره شيخ الأزهر الشريف، والسؤال هو: ما موقف القاعدة حاليا بعد اغتيال بن لادن؟!، هل ستغير خريطتها ومخططاتها نحو تفعيل دور جديد يليق بالمرحلة التى يحياها العالم، والتى احتشدت بالعصبية والعرقية والطائفية وهو الأمر الذى يحتاج معه إلى مزيد من التعقل والترقب بدلا من الاستمرار فى حالة الإرهاب والترصد للعدو، ثم هناك بعض أعضاء تنظيم القاعدة يرى أن الحل هو تعزيز نظامهم بحيث يكون لخدمة السلام والإسلام الحقيقى بعيدا عن السلاح وأن المرحلة القادمة تحتاج إلى لم الشمل وليس إلى مزيد من الدماء وإفراز أجيال جديدة طالعين على الحرب وحب الأسلحة والبعد عن الحوار، لأن الحوار فى هذه الحالة قد يكون هو البديل طالما نجد أن هناك طرفا آخر يستجيب لهذا الحوار ورد الكلمة بالكلمة أو تبادل الأفكار، ولكن هذه النظرة التى تسعى لتأسيس الحوار بدلا من السلاح فى تنظيم القاعدة، لم تستطع حتى الآن من فرض سيطرتها على الجميع وهذا فهى لا تزال تسعي، ولكن حتى الآن لم يعرف الرأى العام العالمى من هو زعيم القاعدة الجديد، فإذا كان هو الظواهرى فهو شيخ تعامل مع بن لادن لأكثر من ربع قرن وخلالها آمن برسالته وأفكاره ومن الصعب أن يستسلم لآراء أخرى، الأيام بيننا ولكن الواقع يشير أن الوقت يمر سريعا ولم يحسم شيئا من أحلام شباب تنظيم القاعدة الذى طالب منذ عام بالتغيير والتحديث دون جدوى، فلعل اغتيال زعيمهم يكون هو الوقت المناسب لتطوير كل شىء فى التنظيم الحديدى العالمى الذى يعتبر أشهر تنظيم فى الوقت الحديث.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة