أحكام القضاء عنوان الحقيقة، واليوم عيد رمزى فى مصر، بعد أن أصدر القضاء الإدارى حكما ببطلان بيع شركة عمر أفندى لشركة "أنوال" السعودية وصاحبها جميل القنبيط، فالحكم الذى جاء متوافقاً مع التقرير الأخير لهيئة مفوضى الدولة يمثل إعلاناً واضحاً بأن الشبهات التى أحاطت بملف بيع عمر أفدى بمبلغ بخس لا يتناسب أبدا وقيمته المادية والرمزية، هى أكثر من مجرد شبهات، وأن وراء المسئولين عن هذا الملف أسراراً وأسباباً دفعتهم إلى القيام بما قاموا به من بيع، رغم كل التحذيرات التى أطلقت، والاعتراضات التى أبديت والعروض المختلفة التى تم تقديمها وقت البيع.
من حق العاملين بشركة عمر أفندى أن يستبشروا خيراً بهذا الحكم بعد شهور من التعسف والبطالة وقطع الأرزاق بعد أن أوصل القنبيط "شركتهم" إلى مرحلة الكساد والشلل، وزرع الشك بين العاملين والإدارة، وتقاعس عن ضخ استثمارات جديدة أو حتى الحفاظ على انتظام رواتب العاملين.
هذا الخبر السار للعاملين بشركة عمر أفندى، هل يعنى إغلاق ملف الصفقة التى فاز بمقتضاها القنبيط بأكبر صرح تجارى عندنا مقابل 590 مليون جنيه فقط؟
المهندس حمدى الفخرانى، صاحب الدعوى التى فصل فيها القضاء اليوم، قال فى دعواه: "إن بيع عمر أفندى تم نظير مبلغ 590 مليون جنيه، وذلك مقابل جميع الفروع البالغ عددها 82 فرعا على مستوى الجمهورية، فى حين يصل سعر أحد الفروع فقط وهو فرع أحمد عبد العزيز إلى أكثر من 700 مليون جنيه وحده، وذلك لأن مساحة هذا الفرع 700 متر مربع، وسعر المتر فى هذه المنطقة لا يقل عن 100 ألف جنيه، وكذلك فرع المحلة الكبرى الذى لا يقل سعر متر الأرض فيه عن 60 ألف جنيه هذا، بالإضافة إلى فروع شارع مراد والإسكندرية وباقى الفروع الأخرى التى شيدت بأفضل المناطق على مستوى الجمهورية وقيمة أراضى الفروع فقط لا تقل، حسب تقديره، عن 4 مليارات جنيه على الأقل".
وتقرير مفوضى الدولة الأخير الذى قضى ببطلان عقد البيع أكد احتواء العقد على شروط مجحفة، وقيام القنبيط بتشريد عدد كبير من العاملين دون الحصول على حقوقهم، بالإضافة إلى زيادة مديونية الشركة للبنوك مما يهدد فروعها الأثرية.
إذن حكم القضاء الإدارى اليوم، بما يشتمل عليه من رفض مبدأ التحكيم الدولى، يعنى تلقائيا، فتح ملف البيع بسعر أقل كثيرا مما حددته لجنة التقييم المشكلة من وزارة الاستثمار، والتى حددت سعر أصول عمر أفندى وفروعه وما يحتوى عليه من بضائع بمليار وثلاثمائة مليون جنيه، كما اقترحت اللجنة فصل 8 فروع ذات قيمة معمارية وتاريخية، وفى مقدمتها فروع عدلى وعبد العزيز والصوالحى بمدينة نصر وسعد زغلول بالإسكندرية، فقد رأت اللجنة أن تباع هذه الفروع مستقلة، وقدرت قيمتها بـ 446 مليون جنيه، أى أن القيمة الفعلية لجميع فروع عمر أفندى ومخازنه الملحقة بلغت ملياراً و746 مليون جنيه، ذهبت كلها إلى القنبيط نظير 590 مليون فقط، فكيف حدث ذلك؟
كما يعنى الحكم فتح تحقيق حول إتمام صفقة البيع للقنبيط شبهة المخالفة الواضحة لقانون المزايدات والمناقصات، فقد تمت الصفقة بعد تقديم عرض وحيد، بينما ينص القانون على ضرورة تقدم ثلاثة عروض على الأقل، حتى يتم الاختيار بينها، وأن تكون أعلى من حيث القيمة المالية مما حددته لجنة التقييم، فعلى أى أساس تمت صفقة القنبيط؟
إذن نحن أمام حكم قضائى يمثل فى ذاته ضربة قوية للفساد والمفسدين، ويفتح عديدا من ملفات التربح على حساب إهدار المال العام وتضييع حقوق مئات الآلاف من العاملين.. إذن تحيا مصر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة