تقوم الثورات فى العالم، من أجل أن تتخلص الشعوب من أنظمة فاسدة، قهرت العباد وأغرقت البلاد فى ذل الاستعباد، ومن الطبيعى أن ترتبط هذه الأنظمة برموز وشخصيات وكيانات سياسية، تكون هى الهدف الأول لقصاص الثوار، وكانت ثورة 25 يناير تستهدف أيضاً تخليص البلاد من رموز الحزب الوطنى الفاسد المحظور قانونيا، فهؤلاء هم الذين خططوا لتدعيم نظام مبارك الطاغى، وهم الذين أفسدوا الحياة السياسية، من خلال الإشراف على تزوير الانتخابات، وإقصاء كل الوطنين من أجل الانفراد بالساحة.
وبالرغم من ذلك نجد أنفسنا أمام أمور غريبة لا يقبلها عقل، ومنها محاولات الدفع برموز هذا الحزب البائد للساحة السياسية من جديد، فتارة نجد أحدهم يتم ترشيحه لأمانة الجامعة العربية، رغم الرفض الشعبى لذلك، وكلنا نعلم مدى تورطه فى تزوير الانتخابات بدائرة دمنهور بالبحيرة، وآخر نجده يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية بالرغم من أنه متهم فى موقعة الجمل وقتل الثوار، بل وصل به الأمر إلى أن يصف الحوار الوطنى بـ"الحمار الوطنى"، وثالث يحاول أن يركب موجة الثورة، بالرغم من أنه كان من رموز النظام وشغل منصب وزير الخارجية، لكنه الآن يطمع فى مقعد الرئاسة، بالرغم من أنه لزم الصمت تجاه كل جرائم الحزب الوطنى.
ثم وجدنا المهزلة الكبيرة، فى اجتماعات الحوار الوطنى، حيث تصدر الصفوف رموز نظام مبارك، وأكابر مفسدى الحزب الوطنى، الذين يحاولون الانسلاخ من جلودهم، بـ"نيولوك" جديد محاولين إيجاد أدوار سياسية جديدة لأنفسهم، ولا أدرى من دعا هؤلاء لهذا الحوار الذى من المفترض أنه يخطط لمستقبل الوطن، فكيف لمن خربوا مصر أن يخططوا لنهضتها.
وأنا هنا أثنى على موقف شباب الثورة، الذين كانوا بالمرصاد لمشاركة هؤلاء المتحولين، بعد أن وجدوا أنفسهم يجلسون فى مؤتمر للحزب الوطنى بكافة رموزه وأطيافه، ووجدوا الأشخاص الذين تلطخت أيديهم بدماء شهداء ثورة 25 يناير يجلسون بجانبهم، وأثمن أيضا موقف الداعية الإسلامى الوطنى صفوت حجازى، ورموز حركة 6 أبريل، الذى طالبوا رموز الحزب الوطنى الموجودين فى أول يوم للحوار بالمغادرة الفورية.
وبصرف النظر عن نتائج هذا الحوار، الذى لم يقدم جديداً لمصر، إلا أننى أطرح علامات استفهام مهمة، وعلى رأسها من صاحب اليد الخفية التى تحاول دفع وجوه رموز الحزب الوطنى المحظور قانونيا للساحة السياسية فى هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ مصر، وما هى أهدافهم من ذلك، وهل هى محاولة للالتفاف على الثورة، إنها أسئلة تحتاج لإجابات عملية فى المرحلة القادمة، حتى تنتهى لدينا الشكوك والمخاوف ممن يديرون الملف السياسى فى مصر الآن.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة