ولأن البكا على راس الميت، أخشى أن تصبح أخبار جرائم الاغتصاب من الجرائم التى تعتادها الأعين، فلا نلتفت إليها بعد وقتٍ قصير، جرائم الاغتصاب.. قفزت بمعدل مهول فى الأيام القليلة الماضية، المفارقة.. أن هذا قد حدث فى الوقت الذى تم فيه تشديد العقوبة على هذه الجريمة إلى الحد الأقصى "الإعدام"، وتصدر الأحكام بسرعة كبيرة، لا تقارن بالوقت الذى كانت تستغرقه الأحكام فى قضايا الاغتصاب فيما سبق.
منذ يومين، هاجم أربعة مجرمين فتاة تسير بمفردها فى منطقة الهرم، فى الساعة الرابعة عصراً، يعنى فى عز الظهر!، خطفوها ولم تنفعها استغاثاتها بالمارة، حيث أشهر المجرمون أسلحتهم البيضاء وخطفوا الفتاة أمام المارة فى "توك توك" (والذى هو فى ذاته إحدى جرائم العصر الحديث)، وتوجهوا بها إلى حيث اغتصبوها بلا رحمة.
وفى الحى نفسه.. الهرم وتحديداً فى العمرانية، أمس، تكررت المأساة نهاراً أيضاً، مع فتاتين أثناء خروجهما من مصنع تعملان فيه، حيث استقلتا "ميكروباص" لم تكن تعلمان أن المصير المؤلم ينتظرهما فيه، وحين أدركت الضحيتان أنهما مخطوفتان ألقيتا بنفسيهما من السيارة فماتت واحدة وأصيبت الأخرى ما استدعى نقلها إلى المستشفى، ولا يزال المجرمون طلقاء، فى حين.. تموت الحرة ولا تفرط فى شرفها!.
فى الوقت الذى يقدم شباب وفتيات مصريون أرواحهم وشبابهم فداءً لوطنٍ نعيش فيه جميعاً بكرامة، تزداد جرائم الاغتصاب، التى تدفع ثمنها النساء أكثر كثيراً، مما "قد" يفعل الجناة، فما الحل؟.
غياب الأمن أضاع قسوة وسرعة الأحكام فى جرائم الاغتصاب، فالمجرم الذى يقدم على جريمةٍ كهذهِ، لا يفكر- حين ارتكابه الجريمة- فى العواقب، فهو مجرم بكل الدلالة القانونية والنفسية للكلمة.
إذا كانت مصر قد وصمت بعار التحرش بالنساء فى شوارعها قبل 25 يناير، ما جعل "سيرتنا على كل لسان"، فالمصيبة أعظم لو تطور الأمر الآن إلى الدمغ بوصمة الاغتصاب!، هل هى مصر فعلاً التى أصبحت النساء تخاف على أنفسهن فيها من خطر الاغتصاب! وأين؟ فى أكثر مناطقها ازدحاماً وفى "عز الظهر"!.
ما المطلوب؟ أن تنسحب النساء إلى البيوت فلا تخرج منها إلا حين الزفاف والوفاة، كما كان فى عصور ٍسحيقة؟!، هل يتماشى هذا مع "موضة" الأفكار الرجعية والنظرة السلفية للدين، التى يرى أصحابها أن المرأة ضحية الاغتصاب لابد مخطئة لأنها أغرت مغتصبها بطريقةٍ ما؟!، هل المطلوب أن تحمل كل امرأة سلاحاً- وهو بالفعل ما يحدث الآن من نساء كثيرات؟، هل تحولت شوارعنا إلى ساحات مشاع القوى فيها يأكل الضعيف؟ وهى معادلة للأسف تكون المرأة فيها دوماً هى الأضعف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة