أختنا التى نريدها ليست "وفاء" ولا "كاميليا" ولا "عبير"، ولا غيرها من "أخوات الفتنة"، أختنا التى تستحق أن نتظاهر من أجلها هى المرأة المصرية الصابرة، ولا تجد من يدافع عنها، أو ينادى بفك أسرها، وتحريرها من القيود.
لا تستحق "عبير" أن تكون أشهر امرأة مصرية تلهث وراءها وسائل الإعلام، لأن مصر فيها ملايين النساء المحترمات، وهؤلاء هن "أختنا" الحقيقية التى تحتاج إلى "وقفة الخلاص"، سواء كانت مسلمة أو مسيحية، لأن المواطنة العادلة لا تعرف التفرقة بين البشر على أساس الدين أو الجنس أو اللغة.
لا أريد الدخول إلى منطقة السرائر وما تخفيه الأفئدة والضمائر، فهذا لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، ولكن تزايد ظاهرة "الأخوات المسيحيات" بهذه الصورة التى تهدد أمن الوطن واستقراره، تؤكد ضرورة أن يقف المجتمع كله على قلب رجل واحد فيحمى نفسه المجهول القادم: أولا: ترسيخ مبدأ احترام الأديان، فالأسلمة والتنصير ليست لعبة للهروب من مشكلة أو تحقيق منفعة، ويجب أن يكون ذلك من اختصاص لجنة رفيعة المستوى من الأزهر والكنيسة وعلماء النفس والاجتماع والقضاة، ليتأكدوا من أن الباعث الحقيقى هو الإيمان وليس اللعب بالأديان. ثانيا: إصدار ميثاق شرف إعلامى بشأن الوحدة الوطنية، يمنع المزايدة والتحريض، ويضع قواعد التعاطى مع هذه القضية الخطيرة التى لا يختلف حولها اثنان، والإعلام بالذات هو الذى يستطيع أن ينتشل البلاد من أتون الفتنة، أو أن يغرقها فى أمواجها.
ثالثاً: العدالة السريعة التى تحقق الردع العام وتولد لدى الناس إيماناً حقيقياً بأن المجرم لن يفلت من العقاب، وليكن لنا فى الفاروق عمر بن الخطاب أسوة حسنة "حكمت، فعدلت، فأمنت، فنمت"، أما أن تظل القضايا فى دهاليز المحاكم سنوات، فهذا هو الظلم بعينه. رابعا: الإقلاع عن الخطاب الدينى العدائى، فالمسلمون لن يفتحوا عكا إذا أسلمت "كاميليا"، والمسيحيون لن يستعيدوا "ريتشارد قلب الأسد" إذا تنصرت نجلاء، والخاسر هم المصريون الذين يشعرون بخوف حقيقى حول مستقبل أولادهم.
أختنا التى نريد تحريرها من الأسر ليست "كاميليا" ولا "وفاء" ولا "عبير"، ولكن المرأة الفقيرة التى تعول أسرتها، وتقاسى الأمرين إما بسبب موت زوجها أو مرضه أو هجره، وكم نشعر بالحزن حين نرى امرأة شابة أو فتاة صغيرة تبيع المناديل فى إشارات المرور أو على المقاهى، وتتحمل "رذالات" الخلق.
أختنا التى تستحق "وقفة الخلاص" هى المرأة الأمية التى يفترسها الجهل والتخلف، وكم تمتلئ شوارعنا وبيوتنا وحوارينا بهذا النوع من النساء، وعلينا أن ندرك أن مصر لن تسترد عافيتها، ولن تنصلح أحوالها إلا إذا حصلت المرأة على حقوقها، ووقفت بجانب الرجل على قدم المساواة.
أختنا التى تستحق أن نصلى من أجلها هى من تتعرض للاغتصاب، فربما استيقظت النخوة والمروءة والشهامة فى نفوس الناس وضمائرهم، فلا يتركون امرأة تستجير بهم من ذئب بشرى، وكأنهم لا يرون ولا يسمعون، وكانوا فى أزمنة سابقة رجالا وفرسانا. أختنا التى تستحق أن نسلط الضوء عليها هى الطبيبة والمهندسة وأستاذة الجامعة وربة البيت، وفى بيوتنا جميعا نماذج مشرفة لنساء مكافحات لم يلهثن وراء طلاق أو منفعة أو فتنة، وهن يشعرن بالإهانة لأن ما يحدث الآن يختزل صورة المرأة المصرية وتضحياتها العظيمة فى تلك الفتن التى تطل برأسها فى السنوات الأخيرة.
كلمة لابد منها: السلفيون فى مفترق طرق، بعد أن ارتبطت بهم ممارسات سلبية مثل هدم الأضرحة وقطع أذن المواطن القبطى، والتظاهر أمام الكاتدرائية ورفع يافطات "نريد أختنا"، والسؤال هنا: هل يستطيع شيوخهم وعقلاؤهم السيطرة على حماسة وانفعال الشباب، أم تعود مصر لأجواء السبعينيات، وما صاحبها من موجات التطرف والإرهاب؟ السلفيون أيا كان عددهم، فهم قوة لا يمكن إقصاؤها أو استبعادها، وإذا ساروا على نهج السلف الصالح فسوف يطفئون الحرائق ولا يشعلوها، ويضمدون الجراح ولا ينكأونها، ويمشون فى الأرض بالحكمة والموعظة الحسنة، أما التشدد والتطرف والغلواء واستعراض القوة والعضلات، فسوف يعيد البلاد إلى ما قبل نقطة الصفر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة