ليس لأن المطالبات جاءت من سلفيين فعلينا رفضها، فليس مهماً من الذى يطالب وليس مهماً إذا كنا نختلف معه أم لا، فالمهم هو عدالة المطلب واتساقه مع حقوق المواطنة وحقوق الإنسان وقوانين الدولة المصرية.
ولذلك أظن أن علينا مساندة مطلب المتظاهرين أمس أمام الكاتدرائية بضرورة إنهاء الغموض حول السيدتين كاميليا شحاتة، ووفاء قسطنطين، بل وأدعو الجميع، بما فيهم قيادات أقباط المهجر وكل المسيحيين، إلى الضغط على الكنيسة للاستجابة للنيابة العامة فى مثول السيدة كاميليا أمامها على خلفية البلاغات التى تم تقديمها.
الحقيقة أن هناك عنادا غير مبرر من جانب البابا شنودة منذ تفجر أزمة اختفاء السيدتين، صحيح أن السيدة كاميليا ظهرت فى فيديو مصور على موقع اليوتيوب، تنفى فيه المزاعم التى ترددت حول إسلامها وحبسها، ولكن ما الذى يمنع من ظهورها هى والسيدة وفاء على شاشة التليفزيون مباشرة، بل وعلى قناة خاصة فى برنامج توك شو يحظى بمصداقية، ما الذى يمنع من أن تدعو الكنيسة صحفيين وإعلاميين لزيارتهما فى مقر إقامتهما فى أى مكان تابع لها؟
أظن أن المانع الوحيد هو العناد، وشعور القائمين على الكنيسة أنهم يديروا شأناً خاصاً بهم، فالسيدتان من "الشعب المسيحى" الذى يقودونه ويتولون شئونه، وليس من حق أحد التدخل وخاصة إذا كان من السلفيين.
فالكنيسة تبدو أحياناً وكأنها دولة داخل الدولة، فقد رفض البابا من قبل على سبيل المثال تنفيذ حكم قضائى متعلق بالزواج، بحجة أنه يتعارض مع الإنجيل، وهو ذات المبرر الذى يتبناه متطرفون مسلمون، فهم لا يعترفون بـ"القوانين الوضعية" لأنها فى رأيهم تخالف الإسلام.
هذا منطق قديم، كان مرتبطاً بأن" العهد البائد" كان يدير هذه النوعية من الملفات عبر جهاز أمن الدولة، وهذا الجهاز كان يديرها بالموائمات، مرة لصالح هذا ومرة لصالح ذاك، فى تغييب كامل للقانون ولقواعد دولة المواطنة والقانون، ذهبت أمن الدولة، ولكن بقى منطق الموائمات الذى يقوم به المجلس العسكرى والحكومة، فلم يحاسب قانوناً من اعتدى على كنيسة صول على سبيل المثال.
لا حل لهذه الأزمات سوى أن يقر الجميع، على رأسهم السلفيون، أن حرية التدين والاعتقاد مطلقة، وأن يُطبق القانون على كل المصريين، فلا دولة بلا قانون، ولا دولة بجلسات صلح يقودها شيوخ وقساوسة ويباركها البعض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة