لقد اندهشت من الحملة التى شنها بعض الزملاء ضد محمود مسلم وإدارة تحرير جريدة المصرى اليوم، والسبب أنه أجرى مع الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب السابق حوارا، وأحد أركان نظام حسنى مبارك، والحجة التى رددها زملاء أعزاء هو أنه لا يجوز نشر حوار لقيادة من العهد البائد، لأنهم يعتبرون هذا نوع من التحيز لصالح النظام السابق، ولأنه لا يجوز أن نعطى الفرصة لهؤلاء بأن يردوا على الاتهامات الكثيرة الموجهة لهم.
الحقيقة وأرجو ألا يغضب زملائى أن ما يقولونه يتعامل مع الصحافة باعتبارها أداة للحشد والتعبئة مع أو ضد تيار سياسى، وهذه مصيبة المصائب فى هذه المهنة النبيلة، والتى أخرتها منذ تأميم الصحافة فى أوائل الستينيات من القرن الماضى، فتحولت إلى وسيلة دعائية لصالح نظام عبد الناصر، وضد" أعداء الثورة"، أى أعداء ناصر، وهو ما استمر فى عهد السادات ومن بعده مبارك.
رغم أن الصحافة الحزبية لعبت وسعت هامش النقد السياسى للنظام الحاكم، إلا أنها مجدها بذات الطريقة، أى الحشد والتعبئة لصالح الحزب، وضد"أعداء الحزب"، وظلت فى ذات المربع، الذى لا يحترم حق القارئ فى المعرفة ولا يحترم الخطوط الفاصلة بين السياسى والصحفى.
عندما ظهرت الصحف الخاصة، وقع معظمها فى فخ "صحافة الحشد والتعبئة" ضد النظام الحاكم وضد حلفائه، ولذلك ستجد الكثير من زملائنا الصحفيين قد بنوا مجدهم على كونهم معارضين سياسيين، وليس لأنهم صحفيون أكفاء تسعى صحفهم وراء المعلومة وتحترم حق القارئ فى المعرفة، بما فيها المعرفة عن خصومهم السياسيين.
"المصرى اليوم" يمكنك أن تختلف مع الكثير فيها، لكنها من الصحف الخاصة القليلة التى نجت إلى حد كبير من هذا الفخ. فقبل 25 يناير تجد على صفحاتها كل الآراء والأفكار من السلطة الحاكمة ومن خارجها. وفى الأخبار والحوارات والتحقيقات وغيرها من فنون الصحافة، كان الانحياز الأكبر لحق القارئ فى المعرفة، وحق كل أطراف أى خبر فى أن يكون موجودين، وبعدها من حق القارئ أن يقتنع بما يشاء.
إذا عدنا إلى حوار الدكتور سرور، فلابد من شكر الزميل محمود مسلم ورئيس التحرير مجدى الجلاد على إتاحة الفرصة للقارئ فى أن يعرف موقف أطراف النظام الساب. وأدعوهم إلى نشر حوار صفوت الشريف، فهذا هو الاحترام الحقيقى لحق المصريين فى المعرفة، والتى لم يكن صدفة أن تصونه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وليس من حق أى أحد أياً كان انتهاكه، فهو الأساس الصلب لأى مجتمع يريد أن يكون ديمقراطى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة