لا أظن أن هناك مبالغة فى القول أن الدكتور أحمد البرعى وزير القوى العاملة يلعب دوراً رئيساً فى بناء مؤسسات الديمقراطية فى مصر، وهى حرية تأسيس النقابات والتى حسمها بشكل نهائى. فى حين أن باقى المسارات الديمقراطية من حرية تأسيس أحزاب وجمعيات وإصدار صحف وإذاعات وتليفزيونات وغيرها متعثرة بعد ثورة اللوتس، بعضها تم وضع عراقيل أمامه، وبعضها لم يتم طرحه من الأساس.
أما الدكتور البرعى، فكان واضحاً أنه يملك تصور ا محددا وشرع على الفور فى تنفيذه. وهو أنه لا ديمقراطية بدون مؤسسات تحميها، وعلى رأسها الحق فى تأسيس النقابات، وهو ما يتوافق بالطبع مع توصيات منظمة العمل الدولية لأنظمة الحكم السابقة فى مصر، ويتوافق مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ويتوافق أيضاً مع الدستور المصرى، ومع مطالبات ونضالات قيادات عمالية على امتداد سنوات طويلة.
ليس هذا فقط ولكنه أعلن أنه سيتم إلغاء الدعم الحكومى للنقابات من أموال دافعى الضرائب دون وجه حق، فهذه كانت أدوات أنظمة الحكم للسيطرة على النقابات، وحولتها إلى "سبوبة" كبيرة، رغم أن الأصل فى النقابات أن تكون مستقلة وأن تعتمد فى تمويلها على أعضاءها، كما أن البرعى أعد مع منظمات المجتمع المدنى قانونا جديدا لحرية تأسيس النقابات، حتى لا يظل هذا الحق مستندا إلى دستور ومواثيق ثم تعرقله قوانين، وتقوم أى حكومة قادمة بمصادرته.
فالحق فى تأسيس النقابات، أى التعددية النقابية تضمن للمجتمع أن يكون هناك تمثيل حقيقى لكل من يعملون بأجر، بل ولكل أصحاب العمل، لابد من وجود مسارات ديمقراطية لتنظيم الغضب والحصول على الحقوق. وهذا يعطى فرصة حقيقية لإجراء مفاوضات بين الطرفين للوصول إلى نقطة توازن، تدفع اقتصادها للأمام. وتصون البلد من انفجارات فئوية عشوائية مثل التى نشهدها، فلن تكون هناك حاجة ماسة إليها،بل ويصبح الإضراب والاعتصام آخر وسيلة فى التفاوض وليس أول خطوة فيه.
ما يفعله الدكتور البرعى ليس أمراً سهلاً فهناك "لوبيهات مصالح" مستفيدة من الاحتكار النقابى فى اتحاد العمال وفى النقابات المهنية، ناهيك عن أن الثقافة السائدة لدى أغلبية النخبة السياسية والنقابية لم تستوعب بعد أهمية هذا الحق الديمقراطى.
لذلك أقترح عليكم جميعاً أن نساند الدكتور البرعى، وله كل التقدير، لبناء مؤسسات حماية حرية بلدنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة