بعد أن شاهدنا ولم نستمتع بلقاء رئيس الوزراء السابق الفريق أحمد شفيق، والذى اتفق مع جموع المصريين على عدم صلاحيته للمنصب المذكور الأخير على شاشة التلفزيون فى حضور الأستاذ حمدى قنديل والدكتور علاء الأسوانى، نظرا لما عبر عنه جمهور المشاهدين من انفلات حوارى من جانب الأسوانى لم ينجح الزميلان العزيزان مقدما البرنامج فى السيطرة عليه.. كان فى المقابل له هدوء واعتداد ورق واضح من جانب المخضرم الواعى الأستاذ حمدى قنديل.
فوجئت جموع الشعب المصرى بإقالة أو قبول استقالة أحمد شفيق فى صباح اليوم التالى، فهتف الجميع للمجلس العسكرى على موقفه ورحبوا بالرجل الأكثر ذكاء من بين من تولوا رئاسة الوزراء فى تاريخ مصر منذ 1952 الدكتور عصام شرف.. إلا أن رأسى لم يتوقف عن التفكير طوال الأيام السابقة وحتى قبل لقاء شفيق بحوالى 8 ساعات، حيث هاتفتنى إحدى الصديقات مملوءة بالسعادة، مؤكدة أن شفيق سيتقدم باستقالته فى ليلتها وكان حاضرا معى فى مكتبى صديقى المخرج التليفزيونى سامى أبو الخيرو الذى تعجب من ثورتى عندما صحت بها "ده كلام فارغ ومرفوض".
سبب رفضى أو فلنقل قلقى وتوجسى من استقالته حسب ما نقلته لصديقتى، أن السيد أحمد شفيق وكما هو معروف رجل من أبرز رجال الجيش المصرى قاطبة خلال سنين خدمته الطويلة والتى عبر هو عنها بنفسه عندما أوضح أن الجميع كانوا متأكدين من أنه سيكون قائد القوات الجوية فى يوم من الأيام، نظرا لنبوغه منذ أن كان نقيبا، وبالفعل ترقى شفيق الدرجات العسكرية واعتلى واحد من أهم الأسلحة العسكرية برتبة فريق، وقائد لسلاح القوات الجوية المصرية فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وتحت قيادة وزير الدفاع المصرى وزميلا أقدم وضابطا أكبر لزملائه من لواءات المجلس العسكرى الحالى، بل و ظل رئيسا لوزراء مصر فيما بعد نجاح ثورة 25 يناير أى فى ظل حكم المجلس العسكرى.
السيد أحمد شفيق بعد أن صار وزيرا للطيران المدنى ثم رئيسا للوزراء قد صار شكليا جزءا من المؤسسة المدنية لا العسكرية، وعليه يصير من حقه الترشح للمنصب الرئاسى مدفوعا بدعم المؤسسة العسكرية، ولكن وجوده فى منصبه الأخير يصير حجر عثرة أمام ترشحه.. وبانتخابات حرة نزيهة شفافة تحت الإشراف القضائى ولكن اللعبة السياسية أكثر تعقيدا من ذلك، فيستقيل شفيق خاصة مع وجود الأحزاب الطامحة اللاهثة وراء الحكم والإخوان المسلمين الذين وجدوا فى ثورة يناير متنفسا سياسيا ولا يجدون تعنتا من المجلس العسكرى تجاه ممارستهم السياسة بكل الحرية التى حجرها عليهم الرئيس المخلوع.. وهذا التعقيد السياسى لا يخلو من صفقات يقبلها عالم السياسة فى مصر والعالم ولا شية فيها، حيث يأتى شفيق رئيسا وياخذ كل من الإخوان والأحزاب اللاهثة نصيبهم من كعكة الحقائب السياسية، مقابل دعمهم له، ولنضع فى الحسبان الدفع المستمر للبدأ بانتخابات رئاسية سابقة على البرلمانية، وذلك لوأد القوائم النسبية والتى سوف تأتى بحزب منتخب يترأس الوزارة ويقلص من سلطات الرئيس.
يبدو هذا فى مجمله سليما من الناحية الإجرائية، لكنه بعيد كل البعد عما طالب به من سالت دماؤهم أو تعرضوا لصقيع الشوارع وعض الجوع بطونهم طوال الـ35 سنة الماضية، فقد طلب المصريون التعيير قبل الحرية والعدالة الاجتماعية ليقينهم بأن التغيير هو الضمانة الحقيقية لحريتهم، وعدل اجتماعى ينعمون به، فليبق الجيش حاميا للوطن ودستوره كأشرف مؤسسة على أرض الوطن، واترك الأمر برمته بين يدى القارئ وبين يدى الوطن الذى يحمى أبناءه وبصوت شديد الوضوح.
مدنية.. مدنية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة