يتصور بعض ممن يريدون التغيير فى مصر، أن إزاحة أشخاص من مواقعهم سوف يدفع الثورة للأمام ويحقق أهدافها، فيرفضون على سبيل المثال رئيس الوزراء السابق الدكتور أحمد شفيق ووزير الخارجية فى حكومته أحمد أبو الغيط، لأن الذى عينهما هو الرئيس السابق حسنى مبارك، وحجتهم أنه كيف يحقق أهداف الثورة أفراد من سلطة حاكمة قامت ضدها الثورة.
هذا رأى له وجاهته ويبدو منطقياً، ولكن أصحاب هذا الرأى يتجاهلون أولاً أن هذه حكومة مؤقتة، ثم أنهم لا يمدون هذا الرأى على استقامته، فلا يطلبون على سبيل المثال الإطاحة بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى عينه أيضاً مبارك. ولم يطلبوا إزاحة شخصيات أخرى لأنها من "العهد البائد"، ومنها رئيس الوزراء الجديد عصام شرف الذى تولى من قبل وزارة النقل فى 2004 فى حكومة نظيف، أى أن الذى عينه هو الرئيس السابق. ليس هو وحده، بل إن هذا الرئيس بحكم صلاحياته شبه الإلهية فى الدستور السابق والمعدل، هو الذى عين رئيس المحكمة الدستورية ورئيس المجلس الأعلى للقضاء وغيرهم الكثيرين.
لذلك لا أظن التعيين المباركى هو وحده السبب، ولكن تصريحات مستفزة لهم، فشفيق سخر من ثوار ميدان التحرير، وأحمد أبو الغيط قال "المقارنة بين مصر وتونس كلام فارغ"، وكان هذا بالطبع قبل الثورة المجيدة. لكن بذات المعيار فالمجلس الأعلى وهو صاحب السلطة المطلقة الآن، عينه الرئيس السابق، وله تصرفات كثيرة غير مفهومة، بل ودعنى أقول إنها تثير الخوف. منها على سبيل المثال التزامه الحياد السلبى فى موقعة الجمل التى سالت فيها دماء نبيلة، وضربه المتظاهرين بقسوة أشد من قسوة العادلى يوم الجمعة الماضية، ومع ذلك لم يطالب الثوار بإزاحته.
لذلك أتصور أنه لا يجب أن تكون المعركة فى الفترة الانتقالية مع أفراد "متغاظين" منهم، ولكن المعركة الحقيقية هى بناء آليات حماية الحرية فى بلدنا، وأظن أنها الهدف الأسمى لثورة اللوتس، هو إطلاق الحريات العامة والخاصة، وإلغاء كل القوانين المعوقة لها.. ومن يفعل ذلك أهلاً به سواء عينه مبارك أو حتى الشيطان.
أليس كذلك؟!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة