محمد فودة

محمد فودة يكتب.. إلى أين أنت ذاهبة بنا يا مصر؟!

الخميس، 31 مارس 2011 08:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

◄◄ حتى لا ينقسم المجتمع إلى فئات وصراعات بين الإخوان المسلمين والإخوة المسيحيين والسلفيين
إلى أين أنت ذاهبة بنا يا مصر؟ هذه الكلمات ليست مجرد استفهام، بقدر ما هى مفردات تصل إلى مرتبة ميثاق الشك الذى أحاط بنا واستبد وتعاظم فى كل حياتنا، فى الأيام الأخيرة، فنحن نخرج من سؤال إلى آخر دون أن نستقر إلى هدف، وكأننا فقدنا اليقين، ولا نعرف أين المقر؟! إننى أستقى كل يوم من الفجر الوليد أى علامة لتفاؤل أو أمل أو استقرار ولا أجد سوى السراب، سراب يقودنا إلى سراب ورمادية تسعى إلى رمادية أكثر غموضا وشراسة، وأسأل نفسى: هل أنا فوق أرض الكنانة؟! أرض وطننا العظيم الذى ننشده ونتمناه دائما فى أعلى حالاته، هذا الوطن الذى من أجله دفعنا الدم والجهد والعزم نحو تحقيق غد آمن.. لكننا اليوم، لا نرى أرضا صلبة نمشى عليها وتستقر، ولا تهرب منا إلى المجهول، هذه الأرض التى عاشت لمصر وأجيالها والأجيال القادمة، عاشت شامخة، منارة للجميع.. تلك التى أرسمها فى قلبى وعقلى، وتلك التى أتخيلها فى أعماق نفسى مرارا وتكرارا ولا بديل عنها أبدا.. اليوم نقول بكل أسى: إلى أين تذهب مصر؟! لأن الصراع قد تزايد والأمواج لم تعد مجرد حركة طبيعية.. بل صارت طوفانا من الغليان.. وإذا كانت هذه الإجابة الواضحة فى داخلنا تؤكد أن مصر باقية برغم هذا التوهان.. مصر لن تتوه ولن نتركها وليس لنا مقر آخر غيرها.. وليس لنا أرض غيرها ولا مكان.. لن نتركها لن نهجرها.. وسنتواصل مع الأحداث وسنبنى، وبرغم التحديات المتواصلة التى تفرض نفسها يوما بعد يوم.. فإن ضميرنا الوطنى يتعاظم.. فوق كل هذه الانقسامات لم يكن يوما ما نحلم أن نصل إلى ما نحن وصلنا إليه، لأن ما وصلنا إليه إنما هو من سيناريو مختلط الأهواء، شارك فى كتابته كثيرون وكلهم لم يكن على قدر من المسؤولية، بعضهم تعاظمت فى داخله الانفعالات والاحتجاجات فصارت هى الأساس وهى التى تقود، وهى التى تشعل غضب الجماهير على مختلف أنواعها.. فكيف تغلب العاطفة بهذا الشكل وتجعل شباب المجتمع يغير جلده ولحمه وقلبه بهذه السرعة!.. وبدون تفكير.. فإذا توقفنا قليلا وتيقنا أننا فى الطريق إلى حائط سد، وقتها فقط سوف نفيق على الحقيقة ونعلن أننا فى حالة صحوة يقينية شديدة تجعل من فوران المجتمع ومن ثورته إيجابيات.. ولكن الذى يحدث اليوم لا يبشر بكثير من الخير، ولا يعلن عن مجتمع مدنى قوى.. فلقد طالت المطالب الفئوية بصورة مخيفة، فإذا اعترفنا بأن هؤلاء محقون فى طلباتهم وأن هناك سنوات طويلة قد نالت من حقوقهم واستبدت بنظمهم الإدارية.. فإن مطالبهم تحتاج إلى مزيد من الحكمة والتروى وتفنيد أساليب تقدميها بعيدا عن الإضرابات التى تضر ولا تنفع.. وآخرها ما حدث فى التليفزيون المصرى حيث حاول بعض العاملين المحتجين فى ماسبيرو اقتحام الاستديوهات وتعطيل الإرسال وتهديد الإعلام بأن تصبح الشاشة فى التليفزيون الرسمى المصرى سوداء كنوع من الاحتجاج وهو أعلى حالات العصيان المدنى.. وما كنا ننتظر أن نصل إلى هذا المستوى المتدنى من العنف والتشفى وتدمير الآخر بدلا من الحوار والوصول إلى أرقى الحالات الاجتماعية الإنسانية.. وكل هذه المحاولات لا أحد يعرف من وراءها، ولا ما الهدف منها، ما يحدث خطير، ليست القضية احتجاجات فئوية.. ولكنها مؤامرة لضرب ثورة 25 يناير، لأن هذا التفكير الاحتجاجى تحول من الدعوة السلمية الصريحة التى تعالت بعد الثورة، إلى العنف والتهديد والتحايل على القانون.. والكل أصبح يعترض على رؤسائه بدءا من الوزارات وصولا إلى الجامعات.. نحن عانينا من نظام مستبد، والمدهش أن بعض فئات الشعب يحاولون أن يكونوا مستبدين، فلا وقت عندهم للحكمة ولا وقت للمناقشة ولا وقت لمراجعة النفس.. نحن دخلنا فى مرحلة تدمير الآخر.. فى جميع، المناحى.. حتى البلاغات التى نتبادلها ضد بعضنا البعض أصبحت وبالا علينا.. البلاغات تتراكم.. وكان الله فى عون النائب العام الذى يتلقى كل يوم كمّا مدهشا من البلاغات المثيرة للجدل والتى تحول البلد إلى ساحة للقتال والتشفى وتصفية الحسابات.. ونحن فى أمس الحاجة إلى الالتفاف حول بعضنا البعض بعيدا عن المهاترات.. نريد أن نفتت الفوارق بين أبناء الشعب الواحد.. بغض النظر عن الأديان.. لأن الدين لله والوطن للجميع.. ولنرفع شعار معا يد واحدة جميعنا مسلمين ومسيحيين أبناء مصر.. نحن لا نريد أن ينقسم المجتمع إلى فئات وإلى صراعات.. لأن عدوى الصراعات تطال الجميع، حتى مشيخة الأزهر الشريف منارة العالم كله وصورة الإسلام المعتدل فى كل أنحاء الدنيا، قد وصل الحال بها إلى إضرابات واعتصامات وإهانات يتعرض لها شيخ الأزهر الجليل فضيلة الدكتور أحمد الطيب.. لقد طالت المطالب الفئوية التى تتكاثف يوما بعد يوم.. وأطالب الدكتور المستشار النائب العام بأن يحاسب كل من تسول له نفسه أن يقدم بلاغات كيدية بدون مستندات ضد آخر.. لمجرد تصفية الحسابات.. فالمفترض أن نبدأ مسيرة هادئة خاصة بعد نجاح الاستفتاء الذى وضع مصر على قمة الديموقراطية وأدخلها فى ساحة الاختيار الحر بكل شموخ، ورفع رأسنا أمام العالم كله.. هذا الاستفتاء جعلنا نلتقط الأنفاس.. لأن الغالبية التى قالت نعم كانت تسعى إلى الاستقرار وحب هذا الوطن وكذلك الذين قالوا لا كانوا يهدفون إلى مزيد من تعديل الدستور.. ولعل ما وصلنا إليه يدعونا إلى الهدوء.. حتى نعيد ترتيب أوراقنا.. ونعيد بناء شخصيتنا الطيبة الشهمة المعروفة للمصريين، قبل أن تتحول إلى شراسة وعنف، وقبل أن نضيّع مصر بأيدينا.. نريد أن نرسم خريطة جديدة للوطن الذى يعتبره العالم رمانة الميزان فى الشرق الأوسط، فمصر هى التى تحرك الأحداث والثورات والتحرر الوطنى والقومية العربية التى حرمنا منها سنوات طويلة تسيد فيها الفكر الغربى والتشرذم العربى.. فارحمونا.. يرحمكم الله.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة