بعد أن طلب الشيخ حسين يعقوب من الذين قالوا لا للتعديلات الدستورية بأن يهجروا بلدهم، وبعد أن قال فى الفيديو الشهير المنشور على موقع اليوتيوب "البلد بلدنا"، وبعد أن أوحى بأن الذين قالوا نعم هم المسلمون والذين قالوا لا هم الخارجون على الدين، ووصف الاستفتاء بأنه "غزوة الصناديق"، والذى انتصر فيها بالطبع أنصاره على الأعداء.
بعد كل ذلك ظهر الشيخ يعقوب مرة أخرى على قناة الناس، وقال "أصل الكلام ده كان له ظروفه ولازم يوضع فى مكانه الصحيح"، و"هل تلومونا على العفوية والتلقائية"، وأرجع سبب كل ما قاله إلى المفاجأة والانفعال من الفرحة، وقال أيضاً "البلد لا بلدنا ولا حاجة البلد بلدكوا.. نحن نريد الآخرة.. نحن نريد الله.. نحن نريد الجنة.. بلد إيه يا جماعة".
فى كل الأحوال تراجع الشيخ وتلطيف خطابه موقف محمود، نشكره عليه، فالكبار هم الذين يتراجعون عن الخطأ، ولا يكابرون فيه، وبذات المعيار فمطلوب ممن شحنوا الإخوة المسيحيين دينياً لكى يصوتوا بـ"لا" أن يعتذروا أيضاً، فالاستفتاء لم يكن معركة من أساسه حتى يكون هناك منتصر ومهزوم، ثم أنها ليست الباب إلى الجنة، فمن روجوا ذلك بقصد يريدون جرنا إلى حروب طائفية.
ربما يكون الدرس الأهم فى تداعيات "غزوة الصناديق"، أن التيار السلفى والجماعات الدينية، تحتاج إلى إدراك أن السياسة ملعب مختلف عن الدين، ملعب فيه أخذ ورد وجدال واختلاف، ملعب لا ينفع فيه أن يتصور أحد أنه وكيل الله جل علاه على الأرض، أو يتصور أنه المتحدث باسم أى دين، فالاختلاف هو طبيعة السياسة، ومن ثم فهناك خطورة فى خلط الدين بالسياسة، كما حدث فى الاستفتاء خطر كبير، فالأديان لا تخوض الانتخابات ولا يتم طرحها للتصويت، حتى تنجح أو تفشل، فالذين يخوضون غمار السياسة بشر يخطئون ويصيبون وهذه هى الديمقراطية الحقيقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة