هانى صلاح الدين

عصابة مبارك وحرمة المال العام

الأربعاء، 02 مارس 2011 12:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المال العام، والذى عُرف بأنه: هو ما كان مُخَصَّصًا لمصلحة عموم الناس ومنافعهم، وتقوم الدولة على التصرف فيه، طبقا لبنود القانون والدستور، أجمعت كل الشرائع السماوية والقوانين على حرمة التصرف فيه إلا بحق، ودعت الشريعة الإسلامية إلى احترام المال العام، وحمايته، وحرمت الاعتداء عليه بجميع أشكال وصور الاعتداء.

وقد حذر النبى صلى الله عليه وسلم، من أخذ المال العام بغير حق، ففى البخارى قال: "إن رجالاً يتخوضون فى مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة"، وقال صلى الله عليه وسلم: "والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقى الله تعالى يوم القيامة يحمله"، ولعل خير دليل على تحريم اعتداء الحكام والمسئولين على المال العام أو التربح من مناصبهم ما جاء فى حديث أبى حميد الساعدى، رضى الله عنه، قال: "استعمَلَ النبى، صلى الله عليه وسلم، رجلاً من الأزد يُقال له: ابْن اللُّتْبِيَّة على الصَّدَقة، فلمَّا قَدِم، قال: هذا لكم وهذا أُهْدِى إلىّ، قال رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم: "فهلاَّ جَلَس فى بيت أبيه أو بيت أُمِّه، فينظر يُهْدَى له أم لا؟ والذى نفسى بيده، لا يأخذ أحدٌ منه شيئًا إلاَّ جاء به يومَ القيامة يَحمله على رَقَبته، إن كان بعيرًا له رُغَاء، أو بقرة لها خُوَار، أو شاه تَيْعَر"، ثم رفَعَ يدَه، حتى رأْينا عُفْرَة إبطَيْه: "اللهمَّ هل بلَّغْت، اللهم هل بلَّغْت ثلاثًا". ولعل إخبار النبى عن أن غلامه فى النار بالرغم من أنه مات فى الحرب دفاعاً عن الأمة، دليل آخر على حرمة المال العام، وذلك بسبب أنه سرق جزءاً من غنائم الحرب بدون وجه حق.

فالمال العام فى الأصل مسخَّر لجميع الناس بلا تمييزٍ لفردٍ عن فرد، أو لجيلٍ عن جِيل، ومن حقِّ الناس جميعًا الانتفاعُ به حسب الضوابط التى يضعها الدستور، ولعل أبلغ التعامل معه ما جاء فيه قول عمر ابن الخطاب، رضى الله عنه: "إنى أنزلتُ نفسى مِن مال الله منزلةَ اليتيم، إن استغنيتُ منها تعففْتُ، وإن افْتَقَرتُ أكلتُ بالمعروف".

ولكن فى عهد الطاغية حسنى مبارك وعصابة المفسدين، وجدنا رجالات النظام ضربوا بكل هذا عرض الحائط ، وتحولوا لعصابة تسرق وتعربد فى المال العام كيفما شاءت، وصدق عليهم قول الله عزو جل: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا"، ولعل كم المليارات المسروقة من قبل الوزراء ومبارك نفسه، والتى نسمع عنها فى تحقيقات النيابة، تؤكد أن هذه العصابة تفننت فى نهب المال العام، وتواطؤا جميعا فى تبديد ثروات الوطن والاستئثار به، وبالطبع نتج عن ذلك إفقار الشعب المصرى بكل طوائفه، وإغراقه فى ذل الحاجة، وشظف العيش.

ولعل ما أسكن غضب الرأى العام، قرارات النائب العام المتتالية بالتحفظ على أموال عصابة مبارك، وآخرها قراره بالتحفظ على ثروة الديكتاتور وأسرته، والتحقيق فى مصادرها، وننتظر رد هذه الأموال الحرام التى سرقها هؤلاء من جيوب المصريين، فحكم الإسلام واضح فى هذا الأمر، فقد أجمع الفقهاء على أن مَن أخَذَ منه شيئًا بغير حقٍّ لَزِمَه ردُّه، أو ردُّ مِثْله إنْ كان مثليًّا، وقِيمته إنْ كان قِيميًّا، وذهب البعض لقَطْع يدِ السارق.

ومن المؤكد أن رد هذه الكمية من الأموال ستنعش الاقتصاد المصرى، وتحل كل المشاكل التنموية، وستحقق كل تطلعات المصريين فى حياة كريمة، وسترد الثروة لمستحقيها، فلدينا من المشروعات القومية ما يحتاج لضخ هذه الأموال، ومن خلالها سيتوفر ملايين من فرص العمل لشبابنا، ونبدأ فى مرحلة لبناء مستقبل يقوم على العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين كل المصريين.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة