من نوادر مهنة الصحافة ما قام به رئيس تحرير أخبار اليوم هذا الأسبوع، الرجل كتب فى عدد واحد مقالين يتناولان موضوعا واحدا، ينتقد فى الأول الذين «بدأوا فى حملات ممجوجة تتاجر باسم الوطنية والانتماء، وتعلى من ثقافة اليأس وقتل كل بارقة للأمل، وفى مقدمة هؤلاء حفنة قليلة من محدثى الإعلام، الذين انطلقت أبواقهم فى متاجرة ومزايدة رخيصة واتهامات بالخيانة والعمالة.. هؤلاء يحاولون التقليل من حجم الإنجازات والمكاسب التى حققتها الثورة»، والمقال الثانى فى ملحق «إجازة» «فجأة تحولت حياتنا كلها إلى جدل ونقاش عقيم وتبادل الاتهامات بالعمالة والخيانة والرجعية، يشارك فيها حفنة قليلة من تجار المواقف والباعة الجائلون للوطنية، والذين وجدوا فى ثورة الشعب المصرى التى فجرها شبابنا سوقا يروجون فيه بطولاتهم الزائفة وأوهامهم المريضة فى محاولة للانقضاض على مكاسب الثورة».. بعد أن قرأت المقالين، وقفت أمام مبنى أخبار اليوم العريق (الغنى بالموهوبين المظلومين) أنتظر ممتاز القط يظهر على السطوح.. يخاطب الجماهير مثل القذافى!
الفقيه الدستورى يحيى الجمل قال للأخبار «أرفض محاكمة الرئيس السابق، وأنه عفا الله عما سلف.. والله يسامحه ويسهل له ويستر عليه وعلينا»، وأنه تردد فى الانضمام إلى الحكومة ولكن شفيق قال له «مصر بحاجة إليك» فوافق، وقال إننا نعيش الآن مرحلة الشرعية الثورية، ومع هذا تم اختيار وزير بترول عضو مجلس إدارة شركة توريد الغاز لإسرائيل، ووزير ثقافة يعمل فى الإعلانات ولجنة سياسات جمال مبارك، وضع يده على أرض ملكية عامة أقام عليها مشروعا ثقافيا يخدم الزمالك والمهندسين، وهو رجل ضد حرية التعبير، تمتع برعاية فاروق حسنى وبعض رموز الماضى، ولم يشاهد يوما يتحدث فى الثقافة، ولا أحد يعرف سر الإبقاء على وزيرى العدل والخارجية، وما هى وظيفة يحيى الجمل بالضبط، هل هى فقط تقريب النخبة التليفزيونية من نظام مبارك الذى كان الفقيه الدستورى جزءا منه.. حتى لو كان يبدو معارضا.
نصائح عبدالمنعم سعيد للجيش فيما يتعلق بالسياسة الخارجية على العين والراس، ولكن فات الأوان ولم تعد هذه الحيل تخيل على أحد، وتحولات أسامة سرايا وأقرانه وصبيته تثير الشفقة، ودفاع كتاب الرأى الذين كان يأخذهم معه رشيد محمد رشيد فى سفرياته الكثيرة عن طبقة رجال الأعمال مفهومة، وخفوت صوت «حكماء» الثورة الذين أرادوا إجهاضها مفهوم، وسخونة فضائيات وصحف الذين استولوا على أرض المصريين فى سيناء و6 أكتوبر والبحر الأحمر وأنشأوا نخبة تخيلت وتخيل شفيق والجمل أنها تشكل الرأى العام... مفهومة أيضا، ولكن الذى يستعصى على الفهم هو.. أين ذهب الناس الذين قاموا بالثورة.. ومن سيأخذ بحق الشهداء؟
عاش كفاح الشعب الليبى ، الذى يحارب أشباحا، يقودها مجنون.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة