لماذا لا يتخذ الرئيس مبارك قرارا بحل البرلمان؟ أيهما أجدى فى هذه المرحلة، قرار بحل البرلمان يعقبه إجراء انتخابات خلال شهر من الآن على مدى عدة أيام وليس فى يوم واحد، أم المضى فى طريق انتظار تقارير محكمة النقض على الطعون المقدمة على صحة عضوية مئات النواب؟
أولا، لابد من التنويه بأن حل البرلمان ليس مرتبطا بالمطلب الشعبى القائل بتنحى الرئيس، وإنما هو تصحيح ضرورى لعدة أمور جوهرية، فى مقدمتها الأزمة التى نعيشها حاليا، والتى استحكمت حلقاتها بين إصرار كل قوة من القوى الفاعلة على الأرض على مطالبها، فالثوار فى ميدان التحرير يصرون على تنحى الرئيس وحل البرلمان وإلغاء الطوارئ إلخ، والرئيس مبارك ومعه النائب عمر سليمان ورئيس الوزراء المكلف أحمد شفيق يصرون على استكمال الرئيس مدة ولايته الحالية، وانتظار تقارير محكمة النقض حول صحة النواب المطعون عليهم، ومن ثم إعادة الانتخاب فى الدوائر التى شابها البطلان، مع تكليف المجلس الحالى بتعديل مواد الدستور المرفوضة، ويستندون فى ذلك إلى ضرورة توفير غطاء دستورى لانتقال السلطة، وكأن البرلمان الجديد غير المزور لا يوفر غطاء دستوريا لانتقال السلطة!
ثانيا، أيهما أسرع إنجازا وأكثر دستورية، أن نعتمد فى تعديل مواد الدستور على مجلس مطعون فى شرعيته، ثم بعد ذلك نبحث له عن محلل تشريعى عن طريق القياس إلى ما صدر من المحكمة الدستورية العليا من أحكام سابقة، أم نطمئن إلى برلمان جديد منتخب خلال شهر ونصف من الآن؟
وما الذى يضمن عند صدور تقارير محكمة النقض أن تكون الدوائر الملغاة أكثر من أن تبقى للمجلس المطعون عليه نصابا قانونيا كافيا لانعقاده وإنجاز التعديلات الدستورية المطلوبة، ومن ثم يكون علينا الانتظار حتى إجراء انتخابات جديدة ونضيع على أنفسنا المزيد من الوقت.
ثالثا، من الخطأ تجاهل أكثر من ألف حكم عن المحكمة الإدارية والإدارية العليا تقضى ببطلان إجراء الانتخابات فى 92 دائرة بالمحافظات المختلفة، مما يعنى بطلان عضوية 188 نائبا، الأمر الذى يمنع اكتمال النصاب القانونى لمجلس الشعب أصلا.
رابعا، ماالذى يمنع الاستجابة لأحد المطالب الأساسية لثوار 25 يناير، بحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، هذا القرار سيمتص نسبة كبيرة من الاحتقان، وسيوجه جهود كثير من الثوار، من مجرد التظاهر فى ميدان التحرير إلى الإنجاز الفاعل على الأرض بالتطوع للمشاركة فى هذه الانتخابات، سواء بالدعاية لمرشحيهم المفضلين والمراقبة والتنظيم والتوعية بالمشاركة، وهو جهد سيراكم الكثير من الخبرات السياسية لعدة أجيال موجودة حاليا، ستكسبها مصر على مستوى المشاركة السياسية فى المستقبل القريب.
باختصار حل البرلمان فيه العديد من الفوائد للنظام والثوار والشعب والبلد، فلماذا التأخير إلا إذا كان السبب أن " الحل" هو أحد مطالب الثوار التى لا يجوز للنظام، حسب التفكير القديم، أن يوافق عليها؟ ربما..
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة