تعودنا على مر التاريخ أن محبى أوطانهم من المصريين يدفعون فاتورة باهظة الثمن، من أجل صناعة مستقبل الحرية والعدالة والازدهار، وقد لعب المصريون هذا الدور بوضوح أكثر من مرة، فقد وقفوا مع أحمس من أجل طرد الهكسوس وصنعوا مجدًا شهد لهم به التاريخ القديم، وفى العصور الوسطى وجدنا شبابنا المصرى تصدى بكل قوة للطغاة من المماليك وأداروا معارك مع هؤلاء الظالمين، كما شهد تاريخ مصر الحديث ملحمة العزة فى مقاومة الاحتلال البريطانى، وسطر شباب مصر بدمائهم حروفاً من نور فى تاريخ مصر حتى نجحوا فى دحر المحتل وإخراجه من أراضيهم.
وقد شهدت كل هذه المشاهد التاريخية، نزيف دم من شبابنا لكنها كانت معارك شريفة العدو فيها واضح، لم يتنكر أعداء وطننا فيها فى ثوب الدفاع عن الوطن، أو ادعوا أنهم حماة الأمة من القلة المندسة، بل كان أعداء وطننا أكثر نزاهة من الذين يدعون أن همهم الأول مصر والمصريون، فقد رفعوا راية العداء واضحة.
لكن ما عاشه شبابنا الشريف الأبى، بالأمس فى ميدان التحرير من تعرضهم لجريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد، من قبل البلطجية ورجال الشرطة الذين خانوا أمانة وظائفهم وتركوا أماكنهم للمجرمين وقطاع الطرق، يؤكد لنا أن من يقومون على وطننا من هذا النظام الذى فقد شرعيته، نوعية جديدة من الأعداء، تحرص كل الحرص على استخدام أساليب بشعة للفتك بمعارضيهم، فقد حاولوا اغتيال شمس المستقبل، لتبقى ظلمة الفساد والاستبداد والديكتاتورية التى وضحت بكل معالمها فى التعامل مع هؤلاء الشباب الشرفاء.
لا ينكر عاقل أن مصر الآن تحتاج لمواقف فاصلة، فاللون الرمادى الذى يتلون به بعض أزلام النظام من المثقفين والكتاب والإعلاميين، لن ينجح فى خداع أحد، فالشارع المصرى حدد موقفه، وانحاز بكل قوة نحو الأمل الذى صنعه شباب مصر بميدان التحرير، وميادين المحافظات المختلفة، فقد رأيت الدموع تنهال من البسطاء فى شوارعنا على ما يفعل من قتل وتقطيع أوصال بشباب التحرير الذين صنعوا لنا العزة والكرامة، وأقاموا من دمائهم الطاهرة الزكية جسراً لكل المصريين للعبور لحياة كريمة يحترم فيها حقوق المصريين السياسية والاجتماعية.
وإن بقى لنا كلمة فلابد أن نطالب بوضوح بمحاكمات فورية لكل من تورط فى جريمة قتل شبابنا الطاهر بميدان التحرير، واستخدم الذخيرة الحية عقب صلاة الفجر ليسقط شبابنا بين قتيل وجريح، والتأكد من عدم تورط رجال الأعمال بالحزب الوطنى فى ارتكاب هذه الجريمة، كما على وزير الداخلية الجديد أن يعلن بوضوح عن كيفية تورط رجاله فى هذه الجريمة المنظمة، كما نوجه تحية إجلال وإكبار لهؤلاء الشباب الذين رووا ميدان التحرير بدمائهم، ونشد على أيديهم وندعو لهم أن يربط على قلوبهم حتى تكتمل فرحة النصر على أيديهم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة