لا يتصور عاقل أن أى فصيل سياسى بعد ثورة 25 يناير، يحاول أن ينزلق لما انزلق له الحزب الوطنى، وينفرد بالسلطة، ويسعى للأغلبية المطلقة، فأمانة الوطن لابد أن يشارك فى تحملها الجميع، فى هذه المرحلة الدقيقة من تاريخنا، كما أرى أن كل القوى السياسية المصرية تعلم جيدا أن قدرتها لا تستطيع أن تؤهلها لمهمة تسيير مركبة الوطن، فى هذه الأمواج المتلاطمة.
وأرى أن الإخوان المسلمين أعلنوا بوضوح عدم سعيهم للانفراد بالساحة السياسية، ويحرصون أن يكونوا ضمن النسيج الوطنى المصرى، ولكن من حقهم أن يمثلوا فى مختلف الأصعدة السياسية والتنفيذية، ولا أحد يستطيع أن ينكر عليهم هذا الحق، فهم فصيل سياسى متواجد بقوة فى الشارع المصرى، ولديهم من التنظيم الدقيق، ما يجعلهم مؤهلين للعب دور قوى يصب فى مصلحة الوطن، وعليهم أيضا أن يلتحموا بكل قوة مع القوى السياسية الأخرى، حتى تكتمل لمصر منظومة سياسية وطنية قوية.
وعلى الساسة فى مصر أن يجنبوا الواقع المصرى خلافاتهم الأيدلوجية والسياسية، ويخلصوا النوايا لمصلحة الوطن، ويتعالوا على أهدافهم الخاصة، ويرفعوا شعار "نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فى ما اختلفنا فيه"، فالمرحلة الحالية تحتاج لسواعد تبنى، لا لأفكار تتصارع وقوى سياسية تتطاحن، وعلى الجميع أن ينضجوا سياسياً، ويستفيدوا من درس شباب الثورة الذين تناسوا اختلافاتهم وتكاتفوا فى ميدان التحرير، وباقى المحافظات حتى نجحت الثورة وأطاحت بالديكتاتور.
وعلينا جميعا أن نتجنب لغة التخوين والتخويف من اتجاهات سياسية بعينها، ونتصدى لأى محاولة لإقصاء أى قوة سياسية، وتكون المواطنة وتكافؤ الفرص والمساواة، بوصلة سفينة الوطن حتى ترسى على شاطئ الأمان، ونترك الفرصة لرجل الشارع ليقارن بين كل من يطرح نفسه على الرأى العام، ويدرس مناهجهم السياسية ويختار من يريد، ولا يسعنا إلا أن ننحاز لهذا الاختيار، ونمد له يد العون، ونتفرغ جميعا لبناء مصر الجديدة، فالمرحلة القادمة مرحلة عمل شاق، فلابد أن تكون مصر فى مكانة تليق بها بين الأمم، وعلينا جميعا أن نترجم عشقنا لهذا الوطن إلى عمل متواصل، نرد به الجميل لمصرنا، ونؤمن من خلاله مستقبلاً مشرقاً لأبنائنا والأجيال القادمة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة