لم يختلف أحد بمصر حول الدور الفاسد الذى لعبه جهاز أمن الدولة، فقد اتفقت كل القوى الوطنية، على أن هذا الجهاز نجح بجدارة فى إفساد الحياة السياسية، والإطاحة بكل مظاهر الحرية، وكان أداة قوية لكبت وقمع الحريات، وتكريس الاستبداد، وتعضيد الديكتاتورية، وتكميم الأفواه.
وبسبب غباء النظام القمعى وعقلية الرئيس مبارك المستبدة، أوكل مبارك كل الملفات السياسية لهذا الجهاز اللعين، الذى تحول رجاله إلى أباطرة، وطغاة تسلطوا على رقاب الشعب، وانفردوا بتسيير الوضع السياسى، رافعين شعار القمع لكل من خالف سياسة الرئيس، ولم يقف عند هذا الحد بل وجدنا هذا الجهاز أطلق يده فى متابعة الملف الدينى أيضا، سواء الجوامع أو الكنائس، وأصبح بكل جامع وكنيسة مندوبون لأمن الدولة، يعدون على رواد أماكن العبادة الأنفاس، وذلك بخلاف ما قام به هذا الجهاز المجرم من أعمال تعذيب بشعة وتنكيل بالمعارضين، ولعل فيديوهات التعذيب التى توالت فى العقد الأخير ما هى إلا عينة بسيطة ، لما يحدث داخل ظلمات مقرات أمن الدولة بمختلف المحافظات.
ولقد رأيت بعين رأسى أهوال التعذيب لشباب الإخوان والجماعات الإسلامية وأيضا اليسار، عندما تم اعتقالى فى عام 1997 ، بعد حملة صحفية موفقة على يوسف والى فى جريدة آفاق عربية، فقد رأيت ضباط أمن الدولة وعلى رأسهم شريف السيد - وكيل شعبة أمن الدولة ببنى سويف - يطالب الشباب أثناء التعذيب بأن يقولوا له ما سيقولونه لله يوم القيامة، فطلب منهم بأن يقولوا نفسى نفسى، وتحت ضغط التعذيب بالكهرباء والتعليق اضطر كثير من الشباب للاستجابة له وترديد ما يريد.
إنها نماذج من تصرفات هؤلاء الطغاة، الذين اعتبروا أبناء هذا الشعب عبيدا لهم، وأن من حقهم التصرف فيهم كيفما شاءوا، وبدلا من أن يقوم هذا الجهاز بتوفير الأمن للدولة من المخاطر الداخلية والخارجية، تحول لسوط عذاب فى يد الحاكم يسلط على الشرفاء، والعاشقين لهذا الوطن، وأصبحوا زبانية على أبواب جهنم النظام المخلوع.
وما يقلقنا جميعا أن هناك صمتا غير عادى حول مصير هذا الجهاز المستبد، فسمعنا عن تعديلات تطرأ على الأجهزة الأمنية، وتغيير مسارات لأخرى دون التعرض لهذا الجهاز الفاسد، خاصة أنى علمت أن ضباط هذا الجهاز مازالوا يمارسون أعمالهم بشكل سرى، ويحاولون تجميع فلول مخبريهم بالمحافظات لرصد ما يدور، وذلك بالرغم من أن أهم مطالب الثوار إلغاء جهاز أمن الدولة، ومحاسبة ضباطه وقياداته، فهو كالورم الخبيث الذى لن يستريح جسد الوطن، إلا باستئصاله من الجذور ، خاصة وأن قياداته ارتكبوا آلاف الجرائم التى يعاقب عليها القانون.
لذا نطالب النائب العام بفتح تحقيق حول تورط ضباط أمن الدولة فى التعذيب والتنكيل بالسياسيين، وعلى من تعرض لأذى هؤلاء المفسدين فى العهد البائد أن يتقدم ببلاغ ضدهم، حتى لا يفلت هؤلاء من العقاب، وذلك بخلاف عقاب الآخرة الذى ينتظرهم إن لم يتوبوا، وعلى وزير الداخلية فى حكومة تسيير الأعمال الإعلان بوضوح عن إلغاء هذا الجهاز استجابة لمطالب الثوار.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة