سبحان من يعز من يشاء، ويذل من يشاء، سبحان الذى يترك لعباده حبال الفرص حتى يصلحوا أحوالهم ويمهلم، ولكن إذا تمادوا فى الطغيان والظلم والاستبداد، أخذهم أخذ عزيز مقتدر، سبحان من جعل سنن التغيير تبدأ بقوله "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ".
ولقد استجاب شباب مصر لهذه السنة الربانية، وخرجوا ملايين متوكلين على ربهم، فاتحين صدورهم لرصاص الغدر والخسة من خونة النظام المخلوع، مستعدين لتقديم أى فاتورة حتى لو كان ثمنها أرواحهم الطاهرة، وبالفعل قدموا أكثر من 300 شهيد، فاستجابت السماء لهذه التضحيات، وألقت إليهم بفرحة النصر مساء أمس، برحيل الطاغية حسنى مبارك.
إن سقوط الطاغية وزبانيته بعد استبدادهم واستغلالهم لهذا الشعب العظيم على مدار 30 عاماً، يجعلنا جميعا نحرص على أن نحافظ على مكاسب هذه الثورة، ونطالب بكل قوة بمحاسبة حاشية مبارك ورجاله، ونؤكد على ضرورة استرداد أموال الشعب المنهوبة، الذى استولى عليها الفاسدون، من رجال الأعمال وأصحاب النفوذ والسلطة.
كما علينا أيضا أن نتصدى بكل قوة لمن يحاول ركوب موجة الثورة، خاصة من الإعلاميين والكتاب والفنانين الذين رقصوا على أشلاء وأوجاع رجل الشارع المصرى، ونافقوا بجدارة الرئيس الظالم ووزراءه الفاسدين، ولا أنسى أبدا عندما طالب ممتاز القط مبارك أن يرحم مصر من سيل الديمقراطية، وعبد الله كمال الذى سبح بحمد النظام ليل نهار، وحمدى رزق الذى تفنن فى الهجوم على كل القوى السياسية الوطنية، ومحمد على إبراهيم الذى اتهم ثوار التحرير بالعمالة والخروج على القانون فى أول الثورة، وأسامة سرايا الذى طالب بمواجهة الثوار بكل حسم، كما لا أنسى الكاتب الهمام الذى نقل وصف تفصيلى فى مقاله لأكلة الملوخية التى تناولها الرئيس المخلوع، وأباطرة التليفزيون المصرى الذين حاولوا تسفيه شباب الثورة، وطالبوا بمحاسبته.
ولن ينسى التاريخ مواقف حسام حسن وأخيه الذى خرج للمطالبة باستمرار الديكتاتور فى منصبة، والفنان محمد الشقنقيرى وتامر حسنى، وسماح أنور وهالة صدقى وغيرهم ممن حاربوا هذه الثورة المباركة، وانحازوا بكل وضوح للنظام الفاسد ورأسه.
وأنا لا أطالب بمحاسبة هؤلاء، فلهم الحرية المطلقة فى اختيار مواقفهم، لكن ما أرفضه محاولتهم المستمرة لتمسح بهذه الثورة، ويقلبوا مواقفهم 180 درجة كما يحدث منهم الآن، ويحاولوا أن يتملقوا الثورة ليجدوا لهم مكانة على خريطة المستقبل، ولكن عليهم أن يتقدموا باعتذار عن مواقفهم السابقة للشعب، ثم يبدءوا صفحة جديدة.
كما أطالب شباب الثورة الذين نقبل أقدامهم، ونطأطئ لهم الرؤوس، أن يشمروا عن سواعدهم، ليعيدوا بناء أوطاننا من جديد، وسينجحوا فى تحقيق ذلك إن شاء الله، كما نجحوا فى ثورتهم الشامخة المباركة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة