بدأ المولد ونجحت ليلته الأولى وتمايل «المنشدون» طربا يهللون للمجلس الذى أنجز وللنظام الذى أوفى وللجريمة وهى توشك على الاكتمال.. هل كان مبارك نفسه يحلم بأن ينتهى الأمر هكذا؟! دعاة «آسفين يا ريس» هم أنفسهم مؤيدو المجلس الذى حلّ محله، يهتفون لاستمراره الأبدى «بعد القضاء على أراذل الثورة فى الميادين».. أراه الآن يتابع مع قهوة الصباح فى جناحه الفاخر فعاليات «المولد»، وقد نجح «نظامه البديل» نجاحاً باهراً.
1 - أصبح الشارع كارها للثورة والثوار باستمرار، تجاهل مطالبهم وتشويه صورتهم عبر أذناب إعلامه وانتهازية رجالاته وسياسييه.
2 - نسى الشعب - فى غمرة ضجيج المولد - دماء شهدائه فى التحرير وماسبيرو ومحمد محمود.. إلخ، دماء لولاها ما جرؤ فرد واحد من المجلس الحاكم على تحدى إرادة عصابة الرئيس، ولو بمجرد التعبير عن الامتعاض فى مواجهة الإهانات اليومية والمستمرة.
3 - أصبح الحديث عن محاكمة رئيس العصابة الآن، وكأنه ماضٍ سحيق، وأصبح الحكم بالبراءة أو الحكم المخفف المتوقع لا يثير دهشة الغافلين ولا غضب المتمايلين بـ«الذكر» فى مولد الانتخابات.
4 - المجلس الحاكم الآن - وقد تزايدت خطاياه - يستعد لتمرير الكرة - كما فى رياضة الرجبى - إلى لاعب آخر «من نفس الفريق» غير مراقب ومرضى عنه من بسطاء الناس لكى يراوغ الجميع ويصل إلى خط النهاية، وبذلك تخلص المجلس من معظم خصومه، الذين أشبعوا ملابسه تقطيعاً، وأنهكوا جسده بالركل والضرب فوق الحزام وتحته.. «تمرير مؤقت لو يعلمون».
وفى الحقيقة فإن «المولد» قد تم الإعداد له جيداً لكى تسفر «نتائجه» عما انكشفت عنه «وإن تظاهر المجلس بالدهشة والغضب».. مع بدايات الثورة يجتمع عمر سليمان بقيادات «الجماعة» ليبشرهم بالنصر التاريخى ويحثهم على انتهاز فرصتهم التى قد لا تتكرر.. ثم يبدأ النظام المتواطئ فى الإعداد الدقيق لتسليم مصر:
1 - تشكل لجنة لإعداد خطة العمل فى الفترة الانتقالية يرأسها ويقودها رموز الجماعة وأعتى مناصريها فيقترحون استفتاء مشبوها يشترك المجلس فى تمريره ويصمت - بالتواطؤ - عن اتهام رافضيه بالكفر دون أن يحرك ساكنا ضد مرتكبى جرائم التمييز على أساس الدين والعقيدة.
2 - تشكيل الأحزاب الدينية الصريحة فيقرها المجلس المتواطئ وجنوده من بعض القضاة الذين رفضوا مجرد تطهير صفوفهم ممن شاركوا فى التزوير طوال العقود الماضية.
3 - وبعد الضغط الشعبى يصدر قانون يجرم جميع أشكال التمييز فتتواطؤ الدولة - ساقطة الهيبة - فى عدم تقديم حالة واحدة للمحاكمة، وقد خولها القانون وحدها - عبر النائب العام - حق تقديم المجرمين للمحاكمة.. فيتحدث مرشح الرئاسة عن استخدام المساجد فى الدعاية الانتخابية، ويدعو إليه فلا يؤاخذه أحد، ويعلن السلفى المتجهم كاره البشر ومحتقر الحضارات الإنسانية عن عدم جواز انتخاب القبطى أو توليه الوزارات وعدم جواز ولاية المرأة.. إلخ، فلا يقدمه أحد إلى أى محاكمة.. وقد رأت هذه الجماعات المتطرفة فى جهلها أن الدولة تصدر قوانين لمجرد «ملاغاة» المشاعر الشعبية فتنطلق من فوق المنابر وأمام اللجان الانتخابية، وتقتحم المنازل الآمنة لكى تسطو على بطاقات البسطاء، مستغلة الحاجة والغفلة والتهديد بالغرامة للتصويت نيابة عنهم.. وتنطلق الملثمات للتصويت مراراً دون أن يجرؤ أحد على مطالبتهن بكشف الوجه أو غمس الأصابع المغطاة بالقفاز فى حبر الحقيقة.. كل الانتهاكات مورست.. فى سبيل الغاية الكبرى - وهى تطبيق شرع الله كما يرونه - مشروع.. مشروع.. مشروع.. فهم يتعاملون مع مجموعات من الكفرة ويتحدثون عن «غزوة أحد» حتى لا يكسب الكفار الجولة الثانية ويتحدثون عن غزوة «حنين» حين اغتروا بكثرتهم.. ويتحدثون عن ذكر «انتصارهم» فى القرآن.. أما مسألة الديمقراطية وموضوع تداول السلطة.. وأنهم قد يخسرون الانتخابات المقبلة، وأن عليهم القبول برأى الشعب فى كل الأحوال فلا يدور بأذهانهم المريضة توهم امتلاك الحقيقة الواحدة المطلقة.. أما أن الدين مقدس ومطلق، بينما السياسة متغيرة ونسبية فلا يمكن لعقولهم المغلقة أن تنفتح على آفاق الحرية الرحبة والحياة المتجددة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة