مجدى أحمد على

المستجير من الرمضاء بالنار

الأربعاء، 28 ديسمبر 2011 03:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الثورة المصرية العظيمة التى رفعت شعاراتها بلا مواربة ومنذ اليوم الأول.. عيش/حرية/كرامة إنسانية، ورددت بالإجماع مدنية/مدنية/ لا دينية ولا عسكرية.. استجارت بجيشها العظيم الذى طالما عرفته فى الشدائد وواسته فى المصائب وامتلأت به فخراً فى أكتوبر.. جيش عبدالمنعم رياض وواصل والشاذلى وكل الجنود العظام الذين أذاقوا العدو الهزيمة الوحيدة فى تاريخه.. استجارت الثورة بأبنائها ليس فقط لحمايتها من نظام تداعى فعليا يوم 28 من يناير بانهيار جهازه الأمنى ولكن لبناء أسس نظام جديد على أنقاض هيكل فاسد يتشبث بالبقاء.. المجتمعات الحديثة التى اندفعت إلى آفاق التقدم قدمت «روشتة» الشفاء من أمراض التخلف وأهمها نبذ العقائدية الدينية أو العرقية أو الطائفية التى تكرس لأحادية النظر واحتكار الحقيقة.. والتاريخ قديمه وحديثه خير شاهد على انهيار كل تجمع بُنى على هذا الوهم المغاير لأبسط حقائق التقدم الإنسانى.. وهى نسبية كل شىء.. بقيت المعتقدات الجازمة لكى تخص كل فرد بذاته لتحقيق أمانه النفسى والداخلى ولكن تنوع الثقافات والمنابع وثورة الاتصالات واختلاف المصالح فرضت على المجتمعات- إذا أرادت الاندفاع إلى الأمام- أن تنبذ فكرة أن فصيلا يمكنه امتلاك الحقيقة المطلقة بل يمكنه أيضاً- وإن بالقوة والاستبداد- قيادة المجتمع كله إلى طريق أوحد يتجه عكس اتجاه البشرية كلها بوهم أنه طريق الفرقة الوحيدة الناجية من عذاب النار، لم يعد التاريخ يعيد نفسه طبقاً لمقولة الأجداد الخائبة، بل أصبح خاضعاً للحكمة الصينية الشهيرة «إنك لا تمر بنفس النهر مرتين»، فلا النهر سيبقى كما هو- وإن بدا كذلك- ولا أنت ستبقى كما أنت بعد دقائق إذا حسبنا المضاف إلى وعيك والمتراكم على إدراكك لكل الظواهر التى تشكل الحياة من حولك.

لم يعد هناك مكان للسلفيين.. جميع السلفيين.. الدينيين والشيوعيين والعنصريين.. كل من يؤمن أن أفكاره الموغلة فى القدم وغير الخاضعة للزمن المتغير.. هى أفكار خالدة غير قابلة للتطور.

المجلس العسكرى الذى يستمر فى محاولته جلب العار لجيشنا الباسل عبر سلوكه المستفز منذ انطلاق هذه الثورة العظيمة ينقلب على الثوار الذين لا ظهر لهم من سلطة ولا نفوذ.. هم فقط صدور عارية تتلقى طعنات نظام يتشبث بالبقاء للأسف فى ظل حماية مجلسنا الحاكم الذى رد الجميل لثوار دفعوا دماءهم ثمنا لاعتلائه كرسى السلطة فإذا به يسلمهم إلى أعدائهم وإذا بالوطن كله- بعد سنة من الثورة- بين الرمضاء وهى حكم العسكر والنار التى هى حكم الفاشية الدينية البغيضة.

الخطة كانت محكمة وإن غطى ضباب الأحداث المتدافع على نصوع الصورة الفاضحة:
1 - اتفاق على تقاسم السلطة، الرئيس «الذى لم يظهر بعد» للعسكر والبرلمان والحكومة للمتأسلمين.

2 - الطرفان يتوليان تهيئة المناخ لحكم الرمضاء والنار معاً.. أحزاب دينية تقام وانتخابات تجرى فى ظل تواطؤ بوليسى كامل.. فلم يقبض على مخالف لأى قانون انتخابى ولم يحكم بإيقاف أى لجان رغم فجاجة المخالفات.. والاستخدام الفج لدين الله لأغراض انتخابية!!
3 - عملية الخداع الاستراتيجى تكتمل بمجلس استشارى وهمى ونزع تأثير قوى المعارضة المدنية بوسائل متنوعة.. الإعلام.. شراء الذمم والإيحاء بتعارض بين المجلس وخلفائه تغرى حتى قوى الثورة بالوقوف مع أداء العار للمجلس العسكرى لدرجة محاولة إقناع الضحية الشجاعة التى هبت للدفاع عن كرامة كل المصريات فى موضوع كشف العذرية بالتنازل عن قضيتها إنقاذاً لهيبة مجلس يجب أن يعلن فوراً فشله الكامل فى حكم مصر.. وأن يكتفى بما فعل معنا وفينا.. بعد أن كبل أيادينا جمعياً حتى سلم السلطة إلى تيارات تتباهى بعدائها للديمقراطية والحرية والحياة كلها.. فليرحل وليتركنا لهم.. أو يتركهم لنا.. ونحن كفيلون بهم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة