المأساة التى جرت أمام مجلس الوزراء وقصر العينى والتحرير يتحمل مسؤوليتها المجلس العسكرى والحكومة وكل الأحزاب والحركات الشبابية. لكن المجلس العسكرى الذى يحوز القوة ويتولى الحكم يتحمل بلا شك المسؤولية الكبرى، كما أنه الخاسر الأكبر فى كل ما جرى.
فشل فى مواجهة الأزمة – كما فشل فى غيرها – وتورط فى ممارسات لاأخلاقية، لا تتعلق فقط بضرب أو سحل المتظاهرين، بل المصيبة أن المجلس استخدم جيش مصر العظيم ولأول مرة فى تاريخه فى قمع المتظاهرين. جيشنا رمز عزتنا والتجسيد الحقيقى لقيم المواطنة والحداثة زج به المجلس فى معارك قذف طوب ومولوتوف!! فى سابقة لم تحدث أيام الملكية والاحتلال، ولم تحدث فى جمهوريات نجيب وعبدالناصر والسادات ومبارك!!
ما جرى مؤلم وأضر بمكانه وصورة الجيش فى إدراك ووجدان المصريين، والأهم ضاعف من فجوة الثقة بين المجلس العسكرى والنخبة، خاصة الأحزاب وشباب الثورة. والمصيبة أن المجلس لم يتفهم أو يستوعب آثار ومضاعفات صدامات ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، وبدلا من الحوار مع كل الأطراف، والوقفة مع النفس لتقييم الأداء والاعتراف بالأخطاء والاعتذار عنها، بادر بشن حملة تخويف تنتمى لعصر المخلوع الذى كان يؤمن بأنه من السهل حكم شعب من الخائفين. تدعى الحملة بدون أدلة وجود مؤامرات داخلية وخارجية تسعى لهدم أركان الدولة والقضاء عليها، وواكب التخويف من مؤامرة هدم الدولة تشويه ممنهج للإعلام المستقل ولشباب الثورة ولجماعة اشتراكية صغيرة تتبنى أفكارا متطرفة، فالجميع يتلقى تدريب وتمويل من الخارج ولا يعرف مصلحة الوطن.
خطاب التخوين والتخويف يرتبط دائما بالوصاية، فالحكومة والمجلس العسكرى يعرفون أكثر من الجميع، وبالتالى يتحدثون من أعلى ويفرضون وصاية ويشككون فى وعى شعبنا العظيم الذى كسر حاجز الخوف، وأصبح قادرا على التمييز بين الشباب الثورى، والبلطجية، وبين الخوف على الدولة المصرية والرغبة فى تغيير النظام. لقد تغير الشعب المصرى بعد الثورة ونجح بدون وصاية فى إسقاط الفلول، وفى العمل والإنتاج رغم الفوضى الأمنية التى يتحمل مسؤوليتها المجلس العسكرى. تعلم المصريون أن يمارسوا حياتهم الطبيعية فى ظل المظاهرات والوقفات الاحتجاجية بل تعايشوا معها، تماما كما يحدث فى كل دول العالم الديمقراطية. وقدم الشعب نموذجا رائعا فى السلوك الديمقراطى أثناء الانتخابات .
مصر ليست ميدان التحرير مصر أكبر وأعظم، ومن الصعب إسقاطها أو تخويفنا بكلام وتهديدات مرسله بلا أسانيد أو أدلة. أرجو من المجلس العسكرى أن يوقف حملة التخويف والتخوين، وأن يبادر إلى إنقاذ ما تبقى له من رصيد بين الشعب، وأن يبادر بفتح حوار مع كل القوى السياسية وشباب الثورة يعلن فيه رغبته فى أن يتولى رئيس مجلس الشعب مهام رئيس الجمهورية، وأن يعود الجيش إلى ثكناته حفاظا على الصورة الإيجابية الرائعة للجيش.
ولا تعنى عودة الجيش كما يخيفنا البعض انهيار الدولة أو الفوضى أو طرح الأسئلة البليدة الموروثة عن المخلوع مثل من يدير البلاد؟ لا يوجد شخص أو حزب مؤهل؟ هل يسلم الجيش البلد لـ6 أبريل! كل هذه الأسئلة مردود عليها، فرئيس مجلس الشعب المنتخب ستتوافر لديه شرعية لا يستطيع أحد التشكيك فيها، فهو منتخب من نواب الشعب، وسيقود الوطن بالتعاون مع الوزارة وتحت مراقبة مجلس الشعب، ولن يسمح له بالترشح للرئاسة.
ويمكن أن يتوافق الجميع على تقصير الفترة اللازمة لكتابة الدستور وانتخابات مجلس الشورى والرئيس، من دون الإخلال بالترتيبات التى وردت فى الاستفتاء.
ولا تعنى أيضا عودة الجيش إلى ثكناته تخليه عن القيام بمهامه فى استعادة الأمن وحماية انتخابات مجلس الشورى والانتخابات الرئاسية. بل لابد أن يمارس كل هذه المهام بالاشتراك مع الشرطة، إضافة إلى وظيفته الأساسية فى الدفاع عن الوطن. وكل المطلوب أن يتخلى المجلس العسكرى عن إدارة البلاد ويخول رئيس مجلس الشعب صلاحيات رئيس الجمهورية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
karem mohamden
الله ينور عليك...كلامك صح
اتفق معك تماما ... الله ينور عليك
عدد الردود 0
بواسطة:
م.السيدخضر
لماذا كل هذا؟