أتمنى أن نبدأ سنة جديدة ونحن نستبدل كلمة يسقط بكلمة نبنى، بدأ العام الماضى واستمر رافعا شعار السقوط، ولم يفكر أحد حتى اللحظات الأخيرة أن يشطب الكلمة ويغيرها إلى بناء، ذهبت كل الجماعات والأحزاب إلى الميدان وهى تهتف بسقوط كل شىء، ولم يبق إلا الدولة والشعب.
كنت ومازلت أتمنى أن نهتف معاً: نبنى نبنى مصر جديدة، نبنى نبنى دولة قوية، نبنى نبنى شعبا كبيرا، نبنى نبنى بلدا متعلما، نبنى نبنى مصر واحدة.
دخلت كلمة يسقط يسقط قاموس حياتنا ولا نية لنستبدلها بالتى هى أفضل، وأن ننظر لخطواتنا القادمة فى بناء ضمير وطن ووعى أمة، مازال المشهد يبدو مثل دائرة يجتمع فيها الدراويش يرددون نفس الكلمة بكل المعانى دون أن يتوقف أحد ليسأل مانهاية السقوط وما آخره.
خرجت نساء مصر الجمعة الماضى، ترفع شعار يسقط يسقط حكم العسكر، وفرحت بعض نساء مصر ومثقفاتها بالمشهد، لم تسأل إحداهن: هل حقوق المرأة المصرية اختصرت فى سقوط حكم العسكر؟، أم أن قضايا المرأة المصرية أكبر وأعمق من ذلك فى الحكم السابق والحكم اللاحق؟، كنت أنتظر من المرأة المصرية أن تخرج فى مظاهرة الجمعة تطالب بحقوقها وهى كثيرة وغائبة ومهددة أكثر فى ظل وضع دستور جديد مجهول، كنت أنتظر منها أن تهتف لا تنسونى وأنتم تضعون أصابعكم فى حبر الانتخابات وأنتم تكتبون الدستور الجديد وتصيغون قوانين جديدة فى مجلس الشعب، لا تنسونى أنا الأم وأنا الزوجة وأنا الابنة، أنا صانعة الرجال والبيوت والعائلات والوطن، لا تنسوا حقى فى بيت آمن ودخل ثابت ومعاملة آدمية متحضرة، لا تنسوا أن تجدوا لى شارعا نظيفا من العبارات البذيئة ووسيلة مواصلات تحترم جسدى، لا تنسوا حمايتى فى حياتى من زوج قد يغدر بى، وأن يكون هناك قانون واضح لحقى فى أولادى وحقهم معى، لا تنسوا أن تتعاملوا معى كعقل له كلمة، وله رأى وله حرية وله حياة، لا تنسوا أن توفروا لى طابورا مستقلا حين أكبر أقف فيه فى راحة تليق بعمرى، لكى أنهى أى إجراءات أو أوراق.
كنت أتمنى من المرأة أن تفكر قبل أن تتحرك تحت ضغط مشاعرها، فتنتهز هذه الفرصة لكى تقول للجميع، للمجلس العسكرى، للثوار، لحزب الحرية والعدالة، لحزب النور، للمجتمع العربى، للمجتمع الغربى: نحن هنا، نحن هنا لن نرضى لبلدنا إلا الاستقرار والخير والأمان، ولا نريد من بلدنا إلا الاستقرار والخير والأمان، نحن نرفض تدخل أى جهة فى علاقتنا ببلدنا، نحن أمهات الثوار فى التحرير والعسكرى والضابط فى الجيش والشرطة، لنا فى كل حزب ابن وكل فكر ابن وكل جماعة ابن، ولنا مستقبلنا الذى يجب أن ندافع عنه مهما كانت الجهة التى ستحكم أو الرئيس الذى سيأتى.
مازلت أتمنى من المرأة أن يكون لها دورها وهو كبير فى إعادة مصر لمصر، فى ضبط كل ماهو قادم من تيارات وأفكار وقوانين، ثورة النساء يجب أن تكون لتصحيح أوضاعهن وتصحيح موقعهن على الخريطة فى مصر، أن يكون لها حق الاختيار، ألا تصبح مرة أخرى مجرد كوتة فى مجلس الشعب أو فى الحكومة، تمنح أحياناً وتمنع دائماً، أن تضمن أن أى دستور قادم سوف يوفر لها العدل فى الاختيار والآدمية فى التعامل داخل المجتمع، أن تتأكد أن لا أحد سوف يتفضل عليها بشىء، يلقيه لها وهو يقول بعين وقحة: لو كان عاجبك.
ياسيدتى، أمى وزوجتى وابنتى، لك حقوق أكثر وأكبر بكثير من يسقط يسقط حكم العسكر، فهذا اختصار سوف يكون ثمنه صعبا فى الشهور التالية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة