حالة من الحيرة سادت رجل الشارع، خلال الأيام الماضية، بسبب حالة التخبط التى نعيش فيها، فكلما ظهر بريق أمل فى خروج الوطن من عنق الزجاجة، والانطلاق نحو بناء المستقبل، خاصة بعدما تعافى بلدنا من نظام الطاغية المجرم مبارك ورجاله، وأجريت انتخابات تباهى بها كل المصريين، نجد من يعرقل هذه المسيرة، ويحاول أن يعيد عجلة الوطن للخلف، من خلال تصعيد أحداث العنف، والزج بالثوار فى مواجهات نفقد فيها مزيدًا من شباب مصر الأطهار.
فمصر فى أمس الحاجة لجهد كل أبنائها، من أجل أن نبدأ معركة البناء، وإعادة مؤسسات الدولة لدورها، ويعود الأمل من جديد لرجل الشارع البسيط، فما قامت الثورة إلا لبناء وطن يسعى الجميع وينهض به، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال تحكيم العقل وتغليب مصلحة مصر على مصلحة الجميع، ولابد من حالة توافق بين كل القوى السياسية، وتجاوز نتائج الانتخابات مهما كانت، ولابد أن نحافظ على مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسة العسكرية.
فبالرغم من رفضنا جميعًا للطريقة التى يدير بها المجلس العسكرى البلاد، فى هذا الوقت الحرج من تاريخنا، وارتكابه لجريمة الاعتداء على المتظاهرين، خاصة الاعتداء على المتظاهرات، بهذه الصورة البشعة التى رأيناها جميعًا، وأيضًا حالة التخبط الواضح فى مواقف قياداته، التى تؤكد أنهم لا يجيدون التعامل مع المدنيين، إلا أننا نرفض أيضًا الدعوات التى تستهدف كسر المؤسسة العسكرية، والنيل من هيبتها، فالجيش جيش الشعب، وهو درع الوطن وسيفه، ولن ينجح أحد فى أن يفسد العلاقة بين المؤسسة العسكرية والشعب، ولذلك أرى أن من يحاولون من خلال مظاهراتهم بالعباسية أن يعمقوا الفجوة بين ثوار الشعب والجيش، عابثين ويلعبون بالنار ولن ينجحوا فى شق صف الوطن وتشرذمه، فكلنا نعلم أن من يتظاهرون بالعباسية معظمهم من الفلول، وعلى العقلاء من متظاهرى العباسية أن يحكموا ضمائرهم، ولا يشعلوا نيران الانقسام بمظاهراتهم العبثية بالعباسية، تحت دعوى الدفاع عن الجيش.
كما لابد أن نعترف بأن شباب التحرير أصبحوا الآن فى أمس الحاجة للحكمة، وعليهم ألاّ ينجروا خلف الدعوات الحماسية، التى من الممكن أن تضر بثورتنا العظيمة، فنزيف الدماء المستمر لابد أن يقف، ونعطى الفرصة للسياسيين ليقوموا بدورهم، وعلى الرموز الوطنية من مختلف القوى أن يتدخلوا فورًا لوقف حالة الفوضى التى يراهن عليها رجال النظام البائد، ويقنعوا شباب التحرير بأن يعودوا خطوة للخلف «استراحة محارب»، حتى تتحقق مطالبهم، وأيضًا إعطاء الفرصة للعمل السياسى على أرض الواقع، فإذا أردنا أن يعود الجيش لثكناته، ونتخلص من حكم العسكر، فلابد أن نسرع فى إنجاز ملف الانتخابات سواء البرلمانية أو الرئاسية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة