محمد منير

المهمشون وأكاذيب العسكر

الخميس، 22 ديسمبر 2011 04:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مشهد مهيب حمل متحدث عسكرى منتفخ الأوداج، شرائط كشف المستور ليعلنها فى مؤتمر صحفى عالمى على الرأى العام، ويكشف أن الثوار استأجروا المهمشين لتدمير الممتلكات العامة والاعتداء على الجيش صمام الأمان فى مصر.

وسط تأييد من فئات وطبقات ترى مصالحها فى معزل عن مصالح المجتمع كله، تم عرض مشاهد تؤكد الانحلال الأخلاقى والانحراف القيمى للمعتصمين والمتظاهرين، تارة لفتاة دفعها رغبة زوج أمها فيها إلى الخروج إلى الشارع لتبيع نفسها للثوار وتلقى الطوب على العسكر، وتارة فى مشاهد عرضتها قنوات مؤدلجة يظهر فيها شباب يلفون سجائر بانجو أثناء الاعتصامات.. ليبدأ بعدها العويل على القيم الأخلاقية التى انتهكها شباب الثورة وإظهارهم فى ثوب الغوازى الذين يرقصون فى صحن مسجد شريف!!

يا عسكر.. الثوار ليسوا غوازى، وساحتكم ليست ساحة مسجد شريف.. الأمر وما فيه أنكم أصحاب نظرة ضيقة ووعى كل ثقافته وخبرته تابعة للنظام السابق ومستمدة منه.. لماذا؟.. أقول لكم لماذا..

أنتم تحاولون أن تؤكدوا للرأى العام أن من بين المعتصمين فى ميدان التحرير متشردين وأميين و«صيع» بلا عمل ولا مأوى ولا أهداف ولا شعارات سياسية.. وأنا أؤكد معكم هذه الحقيقة وأشهد عليها وأبصم بالعشرة.

هؤلاء يا سادة هم المهمشون وهم لا يحتاجون فى غضبهم ولا احتجاجهم إلى من يستأجرهم ليدفعهم إلى الدمار.. هؤلاء يا سادة هم المهمشون الذين كان النظام السابق ينظر إليهم على أنهم حيوانات يمكن استغلال معاناتها واستئجارها لمواجهة حركات المعارضة له، ولكنه فشل.
عندما يخرج المهمشون والجياع فهم لا يرفعون شعارات سياسية ولا يلتزمون بأخلاقيات وأدبيات الاحتجاج، هم يريدون أن يطلقوا صرخة الألم والجوع ليس فى مواجهتكم فقط، ولكن فى مواجهتنا جميعاً ولسان حالهم يقول لنا «نحن جزء من المجتمع، ونحن أكثر منكم معاناة، ونحن أولى بأى إنجازات لأى ثورة، فنحن الجوعى الذين لا تعنيهم الديمقراطية ولا النظم السياسية ولا حواراتكم الجدلية ولا خلافتكم الأزلية بقدر ما تعنينا لقمة تسد جوعنا المزمن وهدمة تقينا برد الشتاء وحق الحياة الكريمة وسننتزعهم منكم رضاء أو عنوة».

هؤلاء عندما يخرجون بفعل الجوع والحاجة ليسوا بحاجة لمستأجرين يدفعون لهم لتكسير المنشآت العامة والعلمية والتراثية، هم عرايا وجوعى يا عسكر، هم أكثر عنفاً وقسوة من أى قوى معارضة سياسية لأنهم أكثر معاناة وحاجة.

سبق أن حذرنا من ثورة الجياع والمهمشين، وقلنا إن صمام الأمان فى مصر لن ينضبط إلا بإصلاحات اقتصادية وطنية وتوزيع عادل للثروة والدخل، فما كان منكم إلا أن رميتمونا بالكفر باعتبارنا خارج ناموس الطبيعة ومعارضين للأقدار.. ثورة الجياع لن تترك أخضر ولا يابسا، فآلام الجوعى تفوق الوعى بالحضارات والثقافات.

أكرر استشهادا سبق وأن ذكرته.. عندما قامت حركة يوليو 1952 لم تعتمد ثورة إلا بعد شهرين وتحديداً فى سبتمبر 1952 عندما صدر أول قرار اقتصادى للسلطة الجديدة متمثلاً فى قانون الإصلاح الزراعى.. وشعر البسطاء بأن هناك إجراءات جدية للخروج بهم من الفقر والجوع فالتفوا حول السلطة الجديدة وعمدوها ثورة «بصرف النظر عن التقييم العام للتجربة».

قد نتفق على أهمية تجنب ثورة الجياع والمهمشين.. ولكننا حتما سنختلف حول الوسيلة.. أنتم ستتجهون نحو إبادتهم والتخلص منهم على طريقة إبادة أطفال الشوارع فى أحياء أمريكا اللاتينية.. أما نحن فنرى أن الحل فى التنمية الاقتصادية ووقف النهب والاستغلال وإعادة الأموال المنهوبة وفتح مشروعات وطنية تستوعب كل هؤلاء وإعادة توزيع الثروات وخاصة المنهوبة.. وأنتم لستم لها فهذه ليست رسالتكم.. لهذا ارحلوا إلى ثكناتكم واتركوا الأمر لأولى الأمر من الشعب.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة