حنان شومان

محمد

الجمعة، 02 ديسمبر 2011 09:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقطة نظام قبل القراءة.. لا تقرأ هذه الحكاية بمنطق سياسى بل أرجو أن تقرأها بقلب مصرى، فسواء كنت مع هؤلاء المرابطين فى ميدان التحرير أو ضدهم، دع قلبكم يستمع إلى حكاية من حكاياتهم.

جلست إلى جواره على أرض الميدان فى ليلة ممطرة باردة كان ملتفاً ببطانية خشنة محاولاً اتقاء البرد، ولم يبدو منه غير وجه محفور القسمات وجسد ضخم، كان يرتدى جلبابا فقير الحال لا يميزه عن أى مصرى قد تلتقيه فى إحدى حوارى أو نجوع مصر، ولكنه لم يكن فى هذه اللحظة فى أى حارة أو نجع بل كان معتصماً فى ميدان التحرير.

هو أمىّ لا يقرأ ولا يكتب، ولكنى أزعم أنه أكثر إدراكاً وفهماً من ألف حامل لشهادات عليا، فحين يتحدث عن تغير موقفه من البرادعى كمرشح للرئاسة رافضاً له فى البداية وأسبابه، ثم مؤيداً له، فلا تستطيع إلا أن تنصت، وحين يحكى عن أيامه فى التحرير منذ 28 يناير الماضى يبدو كأنه شاعر الربابة المصرى الذى يحكى عن الزناتى خليفة أو أدهم الشرقاوى ناكراً عن نفسه أى بطولة بل حاكياً عن الأبطال.

لديه هذه الروح المصرية المرحة الضاحكة التى تَصورنا جميعاً أن قسوة الحياة أهالت عليهاالتراب، فحين يتحدث عن معارضى اعتصام التحرير الذين يتهمونهم بتوقف الإنتاج يقول «تقولش التحرير بيرش مسامير موقفة عجلة الإنتاج!». أما حين يقلد المشاهير مثل خالد الصاوى، وأحمد مكى، وأبوتريكة، ونادر السيد وآخرين فى مواجهتهم للقنابل المسيلة للدموع وعنف الشرطة فلا يمكن إلا أن تستلقى ضحكاً، وهو مثلاً يحكى كيف وقف مكى يحكى لصديقه عبر التليفون أن الضرب فى التحرير «فشييخ»، وإنه كان يرتدى جزمة كاوتش فى سُمك عجل السيارات.

لم يكن يحكى عن المشاهير تباهياً ولكنه كان ساخراً محباً.

وحين طال بنا الحديث سألته عن نفسه من يكون؟ وماذا يعمل؟ قال إنه يعمل فى الفاعل، أى يبنى البيوت، ومتزوج ولديه أربع أبناء، ولكنه طالب من زوجته أن تكف عن الإنتاج! حكى لى كيف أنه يأخذ ابنته إلى السينما لتشاهد الدنيا، وحين سألته كيف تنفق أسرته وهو معتصم فى التحرير قال «ماتخفيش أنا مأمن ولادى حتى لو مت همه زى الفل»!
بالتأكيد هم زى الفل وبالتأكيد مصر زى الفل مادام فيها مثل هذا الرجل الذى نسيت أن أقول لكم إن اسمه محمد.

محمد ليس وجه تسعى وراءه الكاميرات، ولا لديه حساب على «فيس بوك»، أو «تويتر»، ولا هو يحمل كارت ناشط سياسى أو حزب، ولكنه معتصم بالميدان من أجلك أنت وأنا وابنته زينب، فحتى إن كنت مختلفاً معه لا تنعته بأنه مسمار يوقف عجلة الإنتاج، ولكن اذهب لتبحث عنه بين الناس فى التحرير ربما تعرف عن مصر أكثر.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة