ننهى عاما آخر ولا نعرف هذه المرة على أى الأشجار نعلق أمانينا، وبأى الأمانى نستقبل عاما جديدا؟
فى المسافة دائما بين عامين تقفز ذكريات عام يمضى وأمانى عام يأتى، بينهما نعرف اليأس كما نعرف الأمل، نشعر بالمرارة كما نشعر بالتفاؤل، لكن هذه المرة، فأحدهم سرق كل مشاعرنا وخبأها، وأحدهم سرق كل قدرتنا على التفكير والتخيل، وأصبحنا تقريبا بدون عقل وبدون خيال نرسم به الغد كيف يكون.
هذه سنة استثنائية، الماضية والآتية، حوادثها كثيرة، وحواديتها أكثر، والأمانى اختصرت فى سؤال واحد نرجو له إجابة: ماذا يحدث؟
غيرت الثورة حكما، لكنها كشفت عن نفوس مشوهة، ونفوس ضعيفة، ونفوس جائعة، ونفوس جاهلة، ونفوس ساذجة، جاءت مثل عاصفة تكشف ما خبأناه سنوات وعصور، وسوف يكتب التاريخ عن هذه الفترة أنه مش فاهم حاجة، سوف يتركها بيضاء أو سوداء، ويمضى بلحيته الكثيفة وعصاه الغليظة ونظارته الصغيرة، فى زمن الأسقف المفتوحة التى تكشف كل شىء.. لا نجد إجابة حقيقية لم يحدث؟ ولماذا حدث؟
لم يكن منطقيا أن نغادر عاما ونحن لا نعرف على وجه الدقة: من هو الشخص الذى قاد الثورة بالفعل؟ كل ثورة هى فعل جماعى يقوده عقل مدبر يكشف عن هويته فى الدقيقة التالية من قيامها، سؤال آخر: من الذى يحكم مصر طوال العام الماضى؟ من الذى حكم فمهد لثورة تطيح بنظام قوى فى أمنه خلال 18 يوما؟ ثم من الذى تسلم السلطة بعدها ليعيد تركيب الصورة كما يريد؟
الأسئلة كثيرة، ومنها: هل يصدق كل مرشحى الرئاسة أنهم سوف يصلون للحكم حقا؟ كيف نسينا أشياء مهمة مرت ولم يعد لها ذكر الآن مثل: حريق أمن الدولة! أين ذهبت وثائقه ومستنداته؟ أين أصابع إسرائيل وبصماتها فى السنة الماضية فى ترتيب بيت جارتها الأقرب والأكبر فى مرحلة كل شىء فيها مباح؟ هل صمت أمريكا خطة أم انتظار أم ارتباك؟ هل الانتخابات التى وقفنا فى طوابيرها انتخابات حقيقية أم دور نلعبه فى مسلسل الساعة السابعة على القناة الأولى؟ كيف نختصر أهداف جماعة الإخوان أو حزب النور فى أسئلة ساذجة ترتبط بالخمر والنساء؟ هل يتم بالفعل فى أى لحظة تجميد محاكمة رئيس الدولة السابق ومجموعة المسؤولين فى سجن المزرعة؟ كيف يقبل المجلس العسكرى الإهانات المتلاحقة التى تتم فى شرفه، فإذا كان يملك أدلة فماذا ينتظر لتقديمها للرأى العام؟ هل عنده - كما يتعشم الأغلبية فى مصر - ساعة صفر يضبط بها كل هذه الفوضى التى تؤدى كل يوم إلى نزيف فى ثرواتنا وتراثنا ووضعنا الأدبى والاقتصادى فى العالم؟ هل هناك خطة تنفذ ببطء؟ ياقلب من ينفذها إذا كان هناك فعلا خطة!
لا إجابات لا إجابات، فقط إجابة واحدة مهمة أن نتذكر جميعا أننا كلنا مصريون، ليس لنا إلا هذا البلد نعيش فيه وعليه ومن خيره، مصرى فقط، ليس لأحد قيمة فى بلد آخر إلا إذا كان له قيمة فى بلده هنا، وأن ندعو الله بقلب صاف ويقين أن يقى بلدنا شر أنفسنا، وأن نفكر.. ألاحظ أننا فقدنا فضيلة التفكير.. وأن يكون الشعب والشعب إيد واحدة. فنعلق أمانينا على شجرتنا التى زرعناها.. لعل الله يستجيب.. يارب ليس لنا إلا رحمتك.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة