إن ما شهدته البلاد على مدار الأيام الماضية من تصعيد بين الجيش والثوار يؤكد أن الارتباك مازال هو سيد الموقف فى أداء المجلس العسكرى، الذى يثبت دوما أنه غير مؤهل للتعامل مع المدنيين، وعلينا أن نعترف أن استخدامه للرصاص الحى يعد جريمة تحتاج لموقف جاد ومحاسبة فورية، وأساء للعلاقة بين المجلس والقوى السياسية والشعب كله، لأنه أصاب كل مصرى بالغضب والرفض للقوة المفرطة الغاشمة.
إن هذا الموقف الصادم للجيش لن نجنى منه إلا مزيدا من الاختلافات والصراعات فى وقت حرج، نحتاج فيه إلى توحيد الصف والكلمة، حتى نفوت الفرصة على المتربصين بثورتنا المجيدة، من الفلول والقوى الخارجية المضادة، التى تستهدف زعزعة الاستقرار فى مصر.
كما لابد أن نعترف أيضا أن المجلس العسكرى بمواقفه هذه يدفع البلد لمزيد من العنف، والزج بها فى متاهات لا يعلم أحد كيف الخروج منها، فدم الشهداء التى أسيلت أمام مجلس الوزراء، لن يغفره أحد، لأن المتهم الأول هذه المرة هو الجيش وليس الشرطة كالمعتاد، وكلنا نعلم أن هناك إشارات واضحة أرسلها المجلس العسكرى قبل هذه الاشتباكات، أكدت نيته فى فض هذا الاعتصام حتى لو اضطر لاستخدام العنف، ولكن لم نتصور أن المجلس العسكرى يغامر بتاريخه ويستعين ببلطجية لمواجهة الثوار فى هذه الاشتباكات، ثم ينهى جريمته بقتل المتظاهرين بالرصاص الحى، إنه فقد للوعى السياسى، وضعف فى التقدير، ورغبة جامحة لدى قيادات المجلس فى التخلص من أصوات الثوار أمام مجلس الوزراء، أوقعتهم فى جريمة لن نتهاون جميعا معها.
كما أرى أن على المجلس الاستشارى الآن وكل القوى السياسية أن يتصدوا بكل قوة لمثل هذه التصرفات العبثية، التى راح ضاحيتها 8 من شبابنا الأطهار، فعرس الديمقراطية فى مصر اغتالته رصاصات الغدر التى أطلقت على معتصمى مجلس الوزراء، وفرحة إتمام الانتخابات التى تمت على الصورة المشرفة التى شاهدناها أفسدتها طلقات غير واعية بما سيترتب عليها، ولا ندرى لمصلحة من إشعال النيران فى الوطن كلما خمدت.
لكن لابد أن نؤكد أن أى تهور من قبل الشباب المتحمسين من معتصمى التحرير تجاه رجالات الجيش مرفوض، وأن ما يحدث من اشتباكات لن يصب إلا فى عرقلة مطالب الثورة، وسيضر الجميع، وسيكون رئة يتنفس منها أكابر النظام السابق، فلابد من تحكيم العقل وتغليب مصلحة الوطن، وأن نحافظ على ثورتنا السلمية التى لم تتسبب أو تتورط أبدا فى إراقة دماء المصريين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة