"الحارة" إلى جانب مشهد الممرات الضيقة والبيوت الهشة الذى تحمله إلى ذهنك هذه الكلمة، فهى تحمل بداخلها معانى تاريخية رسمت شكل مصر القديمة التى ملأ بها "نجيب محفوظ" وغيره من كتاب مصر العظام رواياتهم وأعمالهم الأدبية التى تحدثت عن "الحارة المصرية" باعتبارها نبض الشارع المصرى، هذا الشكل الذى اختلف كثيراً فى حارة مصر اليوم، التى تغير شكلها تماماً فغاب عنها ابن البلد وشيخ الحارة، كما غابت عنها روح المشاركة التى ملأت قلوب المصريين، وهو ما دفع شباب "الورشة" إلى التفكير فى مشروع يعيد الحارة المصرية إلى سابق عهدها.
"الحارة" هو المشروع الأكبر لجمعية "الورشة" التى حملت على عاتقها التنمية المجتمعية عن طريق الفن والإبداع، وهو المشروع الذى حرص من خلاله شباب الورشة على إعادة المعنى الجميل للحارة المصرية التى تحولت إلى مناطق عشوائية تفتقر إلى الخدمات والمرافق والحياة الآدمية لساكنيها.
وعن "الحارة" يقول "أحمد ماهر" المسئول عن المشروع وأحد أعضاء جمعية "الورشة": الفكرة الأساسية للمشروع هى إعادة الشكل القديم للحارة المصرية،عن طريق الاهتمام بكل ما يخص المناطق العشوائية بطريقة جديدة تختلف عن الطرق التقليدية التى تتبعها الجمعيات التنموية فى هذه المناطق، وذلك من خلال البدء فى العمل داخل حارة واحدة فى منطقة فقيرة يتم التركيز فيها على كل السلبيات حتى الانتهاء منها تماماً بدلاً من تولى مسئولية منطقة بأكملها، الأمر الذى يؤدى إلى التشتت وعدم القدرة على الإنجاز بشكل فعلى، ومن هنا جاءت فكرة التنمية الشاملة ولكن "واحدة واحدة".
يكمل "ماهر": مشكلة المناطق العشوائية لا تقتصر على نقل أهالى هذه المناطق إلى أماكن أخرى، وهو ما يخلق مناطق عشوائية جديدة فى كل مكان يتم نقلهم إليه وذلك نتيجة للظروف المعيشية المتدنية التى اعتادوا عليها إلى جانب المستوى المنخفض فى التعليم والثقافة لهذه الفئة، ومن هنا فكرنا فى طريقة نقوم من خلالها بإعادة تأهيل لأهالى هذه المناطق وإصلاح كل ما يخص "الحارة" التى يقوم المشروع بالعمل فيها.
أما عن انطلاقة المشروع يقول "ماهر": بدأنا بشارع "البرمونى" بمنطقة دار السلام وذلك من خلال 9 برامج رئيسية يعمل المشروع فى إطارها نهتم من خلالها بكل ما يخص الحارة من تعليم وتوعية وإصلاح للبيوت والشوارع وتجميل وتشجير، إلى جانب إدخال ما تحتاجه هذه المنطقة من مرافق وحقوق قانونية من الدولة، وهذه اللجان هى "اقرأ" التى يهتم بالتعليم ، و"اعرف" الخاصة بالتوعية، و"احلم" التى تهتم بالتنمية الفنية، و"اجمد" التى تختص بالتنمية البدنية والرياضة، أما "جمّل وابنى" فهما اللجنتان الخاصتان بالإصلاح والتجميل للبيوت والشوارع وإصلاح الأسقف المتهدمة والمنازل المعرضة للسقوط، و"عيّش" الذى يختص بتقديم الإعانات الشهرية والمساعدات للأسر المحتاجة، و"أنتج" الخاص بالمشروعات الصغيرة، مثل الحياكة والحرف التى يمكن من خلالها استخدام الأيدى العاملة فى إنشاء خط إنتاج مصرى، أما لجنة "حقك" فهى اللجنة الخاصة بإعادة حقوق أهالى هذه المناطق وتسهيل الإجراءات القانونية لإدخال المرافق.
وعن إنجازات المشروع يقول "ماهر": نجحنا بالفعل فى إعادة الحياة لشارع "البرمونى" وإصلاح الكثير من البيوت وتشجير الشارع،إلى جانب ما نظمه المشروع من فعاليات هدفها التوعية والتعليم ومحو الأمية، كما نركز فى المقام الأول على الأطفال نظراً لأهمية الأطفال فى وضع خطوط المستقبل.
وعن الفترة القادمة للحارة يقول "ماهر": سينطلق المشروع خلال أيام فى "حارة الفرن" بمنطقة بولاق أبو العلا، كما سنقوم باستكمال العمل بشارع "البرمونى" حتى الانتهاء تماماً من تغيير شكل الشارع ووضع أساس ثقافى يبدأ منه أهالى هذا الشارع إلى الأفضل.
شباب "الورشة" الذين أحدثوا الكثير من التغيير على المناطق التى قاموا بالعمل فيها، يستكملون مسيرتهم فى التنمية بشكل جديد من خلال النزول إلى مناطق أخري، كما يسعى المشروع إلى مشاركة باقى الجمعيات التى تعمل فى نفس المجال لتحقيق هدف واحد، وهو تنمية كل حارة فى مصر "واحدة واحدة".
مشروع شبابى لتغيير شكل الحارة المصرية تدريجيا
الجمعة، 16 ديسمبر 2011 06:59 م
الشباب أثناء تنفيذ المشروع
كتبت إيناس الشيخ
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة