فيديو صغير تم تداوله فى سرعة البرق، تضمن سبع عشرة دقيقة، تحمل كل الوعود بالعمل على قدم ٍ وساق لأجل تونس أفضل، الفيديو الذى تضمن خطاب الرئيس التونسى المنتخب من أعضاء المجلس الوطنى التأسيسى «منصف المرزوقى»، منح العالم كله فرصة المشاركة فى لحظة تاريخية، فى حياة الشعب التونسى المقدام، ولم تكن مجرد متابعة الخطاب على شاشات الفضائيات، هى الطريقة التى شارك بها الجميع فى ذلك، بل منحت شبكات التواصل الاجتماعى - وعلى رأسها الفيس بوك بالطبع - الجميع الفرصة ليكونوا شهوداً على رئيس يقسم على الولاء لبلاده وخدمة شعبها.
ها هى تونس تعود مرة أخرى لتتصدر المشهد بعد عام كامل من ثورتها التى حملت رياح التغيير، وها هى شبكات التواصل الاجتماعى تلعب دورها فى تغيير التاريخ، وإعادة رسم جغرافيا الزمان.. والمكان، بعد أن حققت نجاحاً مذهلاً ومخيفاً فى معادلة تداول السلطة، وقبل أقل من عام تحديداً فى 25 يناير 2011، كتبت فى المكان نفسه، متسائلة حول إذا ما كان الإعلام المصرى سيمارس الأخطاء نفسها التى مارسها مثيله التونسى فى حال تحولت مصر فى ذاك اليوم «25 يناير» نحو ما صارت إليه تونس؟، وهو ما حدث بالفعل، فقد سارت مصر فى طريق تونس، وحذا إعلامها الرسمى حذو مثيله فيها، وحدث ما نعرفه جميعاً، فيبدو أن لا أحد يتعظ أبداً.
واليوم بعد أن وقف رئيس تونس يقسم على الولاء لها أمام العالم أجمع، هل استطعنا استيعاب أن المعادلة بالفعل أصبحت مختلفة؟ وأن الكون الذى اكتشفنا فيه توأماً لكوكب الأرض، يحمل فى جعبته مفاجآت أخرى لا يعلمها سوى الله؟ وأن العالم الذى تغيره نقاشات شبابه من خلال «عالم افتراضى» هو بالضرورة عالم مختلف عما كان موجوداً قبل سنوات قليلة مضت؟، العالم الذى تقرر فيه منظمة غير حكومية مثل jhr أن تأتى من بلادها فى أقصى شمال الغرب من كندا، كى تدعم ثقافة حقوق الإنسان لدى الصحفيين المصريين، وتحثهم على أن يكونوا هم أنفسهم دعامة التحول الديمقراطى السلمى فى بلادهم، هو عالم أصغر من «سُم الخياط» وأوسع من فضاءات الكون، فماذا أعددنا له؟ نحن اليوم على أعتاب سنة كاملة من التغيير، فهل سألنا أنفسنا: أين نقف من كل ما تمنيناه؟
الإجابات الصادقة وحدها هى ما ستجعلنا ذات يومٍ قريب، جمهور لفيديو آخر صغير، يتشاركه العالم على الفيس بوك، ليشهد أننا استطعنا الوصول ببلادنا إلى أول طريق السلامة، أرجوكم تحرروا من كل ما مضى، ولا تنظروا سوى إلى الأمام، استخدموا أدوات الزمن الذى نحياه، وآمنوا أن التغيير لابد قادم، فليكن تغييراً تصنعه عقول تستخدم الإنترنت وقادرة على استيعاب أن فى الكون أرض أخرى، لا عقول تعتبر كل ذلك دليل فساد زمن لا ذنب له سوى أنه عايشهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة