كل ما أعرفه الآن أننى أحب بلدى أكثر من أى وقت مضى، أحب دعاءه آخر الليل إلى الله لكى يخلق له نهاراً، أحب انصهاره ليكشف عن أغلى معادنه. لاتحزنوا على بلدى فهو قوى، وهو غنى، وهى باقٍ بقاء الكون وإلى أن يشاء الله، لاتحزنوا على بلدى فهو فى كل عثرة يقوم ويثبت أنه عظيم وكبير، لاتحزنوا على بلدى فهو فى وقت يفرز فيه الطيب من الخبيث، ويبحث عن أغنى ما فيه من بشر ليكمل معهم قصته الطويلة مع الحياة، لاتخافوا على بلدى فهو مؤمن بكتاب الله وآياته، مدرك أن بعد العسر يسرا، وأن الله مع الصابرين، وأنه آمن إلى يوم الدين.
مايحدث فى مصر كان لابد أن يحدث، أقولها لكل الأطراف التى تتشابك وتشتعل وتغضب وتصرخ، سنوات كثيرة والحال نار تحت الرماد، نمضى أيامنا ولانريد أن نفهم أو نتوقف لكى نعرف مايحدث حولنا وتحتنا، الآن نحن فى مرحلة أن نفهم، وقد تطول، ولابد أن نصبر لنفهم أكثر، هذا ثمن لابد من أن ندفعه، وسوف نفقد فيه بعضا من عمر وبعضا من أحلام وبعضا من بشر، لكننا سوف نعود أجمل، نتصالح مع أنفسنا ومع الآخرين، ونقود العالم العربى كما هو دورنا الحقيقى.
مصر لن تسقط، أرجو لمن لا يصدق أن يقرأ التاريخ، مصر أيضا لن تسقط فى يد جهة على حساب أخرى، ومن يتصور ذلك ساذج تماما، مصر دائما وعاء كبير يصهر كل من يحاول أن يسيطر عليه، مر بها ما مر، وظلت ثابتة صادقة قوية راسخة حكيمة، أكبر من أى غزو أو فكر أو تيار أو عاصفة.
سوف يبقى من مصر وفى مصر من يحبها فقط، ليس مهما من يكون، وسوف يحبها بالطريقة التى ترغب فيها، وسوف تظهر معادن رجال لم تظهر بعد، وشرفاء لم تعلن عن نفسها بعد، وسوف ننتصر على هفواتنا، ونضحك على أيام صعبة مرت بنا تبادلنا فيها كل الاتهامات الممكنة ومنحنا نياشين الخيانة لكل عابر فى الطريق!
سنعود نستقبل الصباح بابتسامة أمل، وطيبة مصرية أصيلة ليس فيها شك، سنعود نستقبل الأعياد معا، بلدا واحدا، وسوف يحدث هذا بسرعة أكبر إذا كان هناك صفاء فى النوايا، أن نتوجه إلى الله، أن نختلف فى أفكارنا دون أن يتحول هذا الاختلاف إلى خلافات ومقاطعة.كلنا نحب هذا البلد الكبير بقلوب كبيرة، لانحبها من زاوية دون أخرى، ولا من تيار دون آخر، ولا من ميدان دون ميدان، نحبها لأنها تستحق الحب فعلا، ولأننا فى البداية والنهاية ليس لنا سواها.
لقد فتح الجرح، لكنه سوف يندمل ويشفى بعد أن يطهر نفسه من جراثيمه، وللأسف هى كثيرة، لكن لكل جرح شفاء مهما كان عميقا أو مؤلما، علينا جميعا أن نتسامح لكى نؤكد لبلدنا أننا واحد ولو اختلفنا فى رأى، سوف يأتى وقت قريب نلوم فيه أنفسنا على سذاجتنا أننا يهاجم بعضنا بعضا ويسخر بعضنا من بعض، وربما يقتل البعض البعض الآخر لأن كل واحد فينا يحب بلده على طريقته.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة