لا أصدق أن أحدا من الأطراف التى تغذى الأزمة الطاحنة والمفتعلة بين المحامين والقضاة يلتفت إلى مصلحة هذا البلد، ولا أصدق أن هذه الأزمة التى أصر على تسميتها بـ"المفتعلة "، تأخذ كل هذا الوقت الطويل وتتفاقم حتى تهدد مصالح بلد بكامله وتدفع به إلى حافة الانفجار، كما لا أصدق أننا نفتقد إلى مبادرة من شيوخ القضاة والمحامين لإنهاء هذه المحنة التى اتخذت شكل حرب الاستنزاف فى ساحة العدالة ثم امتدت لتشمل طول الجبهة الداخلية بما يعنيه ذلك من بروز شبح الانهيار السياسى والاقتصادى نتيجة تعليق العمل بالمحاكم، ناهيك عن اهتزاز هيبة العدالة التى هى الحصن المرجو الحفاظ عليه الآن وغدا.
المستشار حسام الغريانى رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى أعلن خلال الجمعية العمومية لنادى القضاة أول أمس إنه شخصيا اعترض على 19 مادة فى مشروع قانون السلطة القضائية الذى أعدته لجنة المستشار أحمد مكى، وأنه عقد جلسة استماع حول المسودة الأولية للمشروع، وتم دعوة القضاة والمحامين والمجتمع المدنى ليقول كل ما لديه، وأنه لم يعرض على المجلس العسكرى شيئا حتى الآن ومشروع القانون ما زال فى درج مكتبه، فإذا كان هذا هو موقف رئيس مجلس القضاء الأعلى فلماذا هذه الغضبة من المحامين؟
المحامون يرون أن هناك نوعا من التربص بهم ومحاولة للحط من شأنهم وسلبهم بعضا من حقوقهم من خلال التعديلات على قانون السلطة القضائية الجديد، وهم يسعون إلى تبنى مبدأ الضغط والتظاهر المستمد من زخم ثورة 25 يناير، لكنهم ينساقون إلى المنطق الخطر فى زخم الثورة والذى لم تنجرف إليه الثورة التى كانت وظلت سلمية ألا وهو الانفعال غير المحسوب مثل إغلاق أبواب المحاكم بالجنازير ومنع القضاة من نظر القضايا، وهو ما يعتبر اعتداء صريحا على القضاء وتعطيلا لسير العدالة فى حلوان والمعادى والمنيا وغيرها من المحاكم، لا أدرى كيف قبل بحدوثه شيوخ المحامين الذين يعرفون أهمية الحفاظ على هيبة القضاء بجناحيه.
ثم لماذا سارع المحامون للتجمهر والتظاهر أمام نادى القضاة فيما تنعقد الجمعية العامة، ما المنطق فى ذلك؟ ومن صاحب فكرة حصار نادى القضاة؟ الأمر الذى دفع قوات الأمن إلى تفريقهم للسماح بخروج القضاء ومنع الاشتباكات بين الجانبين، وهو ما تطور إلى إطلاق أعيرة نارية تحذيرية، دفعت الجانبين لإصدار البيانات النارية محملا الطرف الآخر المسئولية والمطالبة بلجان لتقصى الحقائق.
أيضا، لماذا صعد المحامون فى اليوم التالى وقرروا اقتحام دار القضاء العالى، مهللين ومكبرين وكأنهم بصدد غزوه والاستيلاء عليه، الأمر الذى دفع المستشار إبراهيم عبد المعز لإخلاء المبنى من القضاة تلافيا لوقوع احتكاكات بين المحامين والقضاة، فهل يعقل مثل هذا التصرف؟
هناك شىء خاطئ فى هذه الأزمة التى يراد لها أن تتضخم وتنفجر لتحرق أكبادنا جميعا، وأشك أن هناك أهدافا لبعض الرموز التى تسعى لخدمة مصالحها فى لعبة الانتخابات، حتى لو كان ذلك على حساب المصلحة العامة، وهناك شىء خاطئ فى الموقف الـ (......) للحكومة والمجلس العسكرى من هذه الأزمة وقد كانا قادرين على احتوائها بجمع شيوخ القضاة والمحامين وحثهم على تجاوز المحنة، لذا علينا الآن ألا ننشغل بالحريق المشتعل بين جناحى العدالة، ولنركز أكثر على المحرضين والمستفيدين منها، علينا ألا ننشغل كثيرا بالبيانات النارية من كلا المعسكرين، ولكن لنسأل عن الإدارة التى تصبر على هذه الأخطاء حتى تتحول إلى خطايا..
تحركوا بسرعة أيها السادة أو انزاحوا عن كواهلنا، لا رحمكم الله.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الدكتور/أحمد
اللهم انصر القضاء فى محنته
عدد الردود 0
بواسطة:
د/ خالد شوقي
سيناريو محكم !!!!