محمد منير

انتخابات الصحفيين وحال الأمة

الجمعة، 28 أكتوبر 2011 09:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتهت انتخابات نقابة الصحفيين بما لها وما عليها، ولكنها كشفت عن مشاهد وملاحظات تمثل نموذجاً لحال المجتمع المصرى فى اللحظة الراهنة وهى لحظة حساسة ودقيقة، وخاصة لما تمثله الصحافة من أهمية كضمير للأمة.

مشاهد مؤلمة فى انتخابات نقابة الصحفيين تنذر بما هو أسوأ لعموم مصر ..
المشهد الأول: عزوف الصحفيين عن المشاركة فى انتخابات نقابتهم، وهو ما يعكس سلبية وعبثية بين جماعة من صفوة المجتمع تسببت فى أزمة عدم اكتمال الجمعية العمومية وما استتبعها من فوضى واختلال، وهو ما يثير مخاوف من تفشى السلبية بين الفئات الواعية فى المجتمع وتسليم الساحة لفئات ظلامية منظمة.
المشهد الثانى: ما تكشف من حقيقة مؤلمة، وهى أن القضاة يحصلون من النقابة وغيرها من النقابات على مكافآت مقابل إشرافهم على الانتخابات، وبصرف النظر عن أداء القضاة فى انتخابات الصحفيين فإن حصول القاضى على أى مكافأة من أى هيئة فى المجتمع الذى يحكم بينه لهو مخالفة وجريمة كبرى نهت عنها كل المواثيق والقوانين والتعاليم الدينية منذ قانون "حمورابى" حتى نزول الرسالات السماوية، وهو مؤشر لاختلال ميزان العدل.

المشهد الثالث: هو تفشى الخطاب الدينى وتوزيع المصحف كدعاية لبعض المرشحين لاستجلاب أصوات الناخبين بحياء التدين، وذلك فى مخالفة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام"، وفى مشاهد تتشابه مع خدعة جيش معاوية فى معركة "صفين" عندما تم رفع المصاحف على أسنة الرماح بدعوى تحكيم القرآن لإثارة الفرقة بين جيش على بن ابى طالب المنتصر، ونجح فى ذلك، حيث خرج عشرون ألفا من المقتالين فى جيش "على" عليه، هو أسلوب ابتزازى لا يستخدمه سوى أصحاب النوايا والاتجاهات المنحرفة، وللأسف فإن المشاهد المجتمعية العامة تشير إلى انتشار هذا الأسلوب السهل الرخيص فى الحياة السياسية، بما ينذر باحتمال سيطرة هذه الجماعات المبتزة المغرضة على الهيئات التشريعية فى مصر وما يستتبعه من انهيارات حضارية.

المشهد الرابع: هو قبول جماعة الصحفيين إجراء عملية الانتخابات فى ظل التوتر والخلل المتعمد، والذى تمثل فى إعلان عدم اكتمال الجمعية العمومية، وتأجيل الانتخابات، ثم الإعلان عن إجرائها بعد مغادرة غالبية الصحفيين مبنى نقابتهم، وأجريت العملية الانتخابية فى مدة زمنية لا تزيد على الأربع ساعات وفى مناخ متوتر، وأعترف بأننى شاركت فى الدخول فى هذا الكمين، وبصرف النظر عن ما إذا كان هذا الكمين فى صالح أى من المرشحين (وهذا ما أستبعده)، أو بغرض إحداث عوار قانونى فى العملية الانتخابية لإبطالها أو الطعن على نتائجها لصالح استمرار النقابة فى حالة الجمود على مجلسها القديم مدة معينة لغرض سياسى ما، فإن الخطورة تكمن فى حالة التنزه والترفع السائدة بين الجماعات العقلانية عن التخبر بأساليب الالتفاف والمراوغة للجماعات الظلامية واضحا بالمصالح الضيقة فيلاقوا مصير أبو موسى الأشعرى، الذى أوقعته طيبة قلبه وقلة خبرته فى شَرَك عمرو بن العاص، فأضر بعلى بن أبى طالب، الذى أراد أن يقيم الحجة والموعظة الحسنة وأفاد جيش معاوية بن أبى سفيان.

المشهد الخامس: هو استمرار مظهر القبلية الصحفية والمتمثل فى الانحياز فى التصويت لمرشحين بحكم انتمائهم لمؤسسات صحفية أو التصويت لجماعات جنوبية أو شمالية، بصرف النظر عن مصالح الجماعة الصحفية عامة، وهو ما يشير إلى استمرار أحد مظاهر التخلف الشديد فى مجتمع الصفوة فما بالنا بالمجتمع عامة.

المشهد السادس: هو انتشار الدعاية الاقتصادية ليس بمعناها العام الكريم، وإنما بالمعنى الضيق الذى جعل من الهبات الاستهلاكية أحد المغريات للحصول على الاصوات والوصول إلى عضوية مجلس النقابة.

مشاهد مؤلمة تنذر بالخطر ،ليس على الجماعة الصحفية فقط، وإنما على كل المجتمع المصرى.. الجديد فى هذه المشاهد أننا فى السابق كنا مشغولين فى حروب الخلاص من هيمنة وطغيان نظام فاسد.. أما الآن فنحن مهمومون بمواجهة طباع وأساليب وقيم منهارة بصمتها سنوات الضياع الماضية على وجدان وسلوكيات ووعى المصريين.. وهذا هو النضال الأكبر .








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة