محمد الدسوقى رشدى

مساجد وكنائس للبيع

الجمعة، 21 أكتوبر 2011 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أزمتنا فى مصر أننا نجرى فى أى طريق تشير إليه أى أصابع دون تفكير وبلا دراسة، وكثيرا دون أن نعرف ماهية ونوايا وطبيعة الأصابع التى ترشدنا، صحيح أن حسن النوايا هو الغالب، ولكن النوايا الطيبة وحدها لا تكفى، وفى أمر الفتنة الطائفية والعلاقة بين المسلمين والمسيحيين فى مصر على وجه التحديد لم تعد النوايا بمفردها كافية لصناعة أى شىء حتى ولو كانت ابتسامة مصطنعة.

التحركات الحالية لحصار الفتنة، وإعادة ترميم العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، التى تتمثل فى قانون دور العبادة الموحد أو طلب البابا شنودة الذى حوّله المجلس العسكرى إلى قرار بخصوص تحويل الأماكن التى تشهد عقد قداسات وطقوس وشعائر مسيحية إلى كنائس رسمية، تنتمى إلى هذا النوع القائم فقط على النوايا الحسنة دون دراسة أو تفكير أو تخطيط، فلا يوجد ضامن حقيقى أو واقعى على أن قانون دور العبادة الموحد هو الحل السحرى والسريع لحل أزمات الفتنة الطائفية، بدليل أن الإعلان عن بعض بنود القانون الأولية كان أمرا كفيلا بأن يثير حفيظة عدد من القوى الإسلامية التى رأت فيه ظلما للإسلام والمسلمين، حتى الأزهر وشيوخه اتفقوا على ذلك وأكدوا على ضرورة عدم الجمع بين بناء المساجد والكنائس فى قانون واحد لاختلاف الظروف كما وكيفا.

نحن إذن أمام قانون تم تقديمه على أنه طوق نجاة، ولكن بدا مع أول اختبار أنه حجر ثقيل يدفعنا نحو الغرق فى بحر الفتنة بشدة أقسى وأعنف من ذى قبل، خاصة أن بعض الدراسات القانونية أشارت إلى أن تطبيق قانون دور العبادة الموحد طبقا لمعايير الأمم المتحدة ونصوصها الخاصة بالحق فى العبادة التى تحدد مساحات دور عبادة دين معين على أساس عدد التابعين لهذا الدين، قد يعنى إلزام المسيحيين فى مصر بهدم بعض الكنائس أو إعادة توزيعها جغرافيا، والسبب فى ذلك مساحات الأديرة الضخمة التى توحى بأن مساحات العبادة للمسيحيين تتجاوز عددهم، وتطبيقا لنفس المنطق سيكون المستفيد من القانون الطوائف المسيحية الأخرى لا المسيحيون الأرثوذكس الذين يشكلون أغلبية أقباط مصر.

حتى القرار الذى اتخذه المجلس العسكرى بناء على توصية البابا شنودة لتهدئة الأجواء بتحويل البيوت والأماكن التى تشهد عقد قداسات إلى كنائس والتى يبلغ عددها نحو الألف، قرار بقدر ما يقدم حلولا، فإنه قد يشعل فتنًا ومعارك بالجملة فى الأماكن التى توجد بها هذه الكنائس أو الدور التى ستتحول إلى كنائس إذا لم تتم دراسة الأمر وتوفير الأمن والحماية والوعى الكافى لدى الأهالى وساكنى تلك المناطق.

الأزمة إذن ليست أزمة قوانين وتشريعات وقرارات غير مدروسة، كما أنها ليست أزمة عدم النظر إلى الآثار الجانبية لهذا العلاج القانونى المعروف باسم دور العبادة الموحد، بقدر ما هى أزمة قناعة وخطاب دينى عاجز عن أن يعلّم الناس أن نصرة الأديان لا علاقة لها بحجارة المساجد والكنائس، أزمة وعى دينى واجتماعى مفقود بأن مصر وفقراءها أحق وأولى بالملايين التى يتم إنفاقها فى مباراة يهدف فيها كل طرف أن يربحها ببناء كنيسة زيادة هنا أو مسجد جديد هناك، دون النظر إلى الملايين الواقفين فى طوابير المستشفيات و«العيش» والجهل.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة