يسرى الفخرانى

حالم بوطن

الإثنين، 17 أكتوبر 2011 03:45 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل معك باسبور أمريكانى، كندى، إنجليزى، تايوانى حتى؟ لماذا لم تفكر فى الهجرة إلى ماليزيا مثلا؟ جنوب أفريقيا بها فرصة؟ حتى البرازيل؟ فكر!
ليس معى ولا أفكر، هذه مصر ياناس، فكيف أفكر ببلد غيرها، فى أزقة الإسكندرية بكل ترابها الزعفران عشت طفلا ألهو عند البحر وأنتظر نواتها الموحية، القاهرة الكبيرة التى تحمل ألف مدينة، كل شارع بلد، كل حى عالم، القاهرة القديمة بأحيائها العتيقة، دكاكينها وحواريها الضيقة، رائحة زمن كان هنا، مساجد ترتاح فيها الجباه على سجاجيدها الخضر، كنائس كم فرحنا بأعيادها المبهجة، مقاه كان لنا فيها سهر وعتاب وكلام وذكريات، يرحل من يرحل، يفكر من ليس فى قلبه هوى لقاهرة، لكن الهروب منها مستحيل، هذه أحلامنا الجميلة نقشناها على كل باب عبرنا عليه، هذه أيامنا المبدعة أمضيناها نبتكر نفسا دافئا يؤنس ليلها الطويل، هذه قصصنا كتبناها بكل حروفنا التى نملكها.. فكيف نفكر فى سواها مهما كانت غربتنا فيها، ما أخذناه منها يكفى لكى نبقى العمر تحت قدميها، نشفيها ونمسح كل غبار علق بها وندعو لها.. فكثيرا مادعت لنا الخالق وهو يحبها ويحفظها إلى يوم الدين.
الله عليك يا مصر مهما حملت من هموم، مهما طغى فاسد أو منحل أو منحرف أو فاضت أخلاق سيئة من أولاد بطنك، أكلوا أصابعك وهم يأكلون من خيرك، كسروا قدميك وأنت تحملينهم إلى بر أمان، بصقوا على أرضك وسرقوا طينك وزرعوا بدل الأشجار عنفا وحجارة، لم يعرفوا قيمة نيلك النقى فقضوا حاجاتهم فى مائه وفرطوا فى طوله وعرضه، أعرف أنك يا بلدى مندهشة، تضعين يدا على خد وتحجبين دموعا غزيرة، تحاولين أن تضمدى جرحا وتصبرين على إهانة، نحن لا نعرف قدرك ياسيدتى، لم نعمل على أن تظلى أم الدنيا كما تستحقين وسيدتها كما خلقك الله.
لقد نجح حكامك فى أن يورثوا شعبك أسوأ العادات، الجهل كثير، اللامبالاة كثيرة، الإهمال كثير، التسيب كثير، الفساد كثير، عودونا أن الحياة هى فقدان للكثير من معانيها، الذوق والأدب والجمال.. فأصبحت الحياة جافة ناشفة شاقة شائكة مؤلمة.
يا بلدى، أحبك حتى الموت، أحبك وملايين فيها يحبونك بصدق ويحترمونك بصدق ويعملون من أجلك بصدق، لكنهم للأسف ليسوا الأغلبية، فالأغلبية يجب إعادة تأهيلها من جديد، وهو شىء صعب، فقد أفسدوا بما يكفى، وأرسوا قوانينهم الرديئة بقوة، فكيف نعلم الحب.. لمن لايعرف أصلا ما هو الحب.
من يعرف ينصحنى أو يخبرنى أو يكتب لنا جميعا، كيف ننظف نفوسنا مما لوثها؟ كيف يصبح رجل الدين رجلا على دين، على تقوى، على حب على نور؟ كيف يصبح رجل السياسة رجلا على علم على نظافة على خير؟ كيف يصبح رجل الإعلام رجلا على ضمير على فهم على حكمة؟... وهكذا.
وكيف يصبح رجل الشارع رجلا مسؤولا، وسيدته.. على وعى بدورها العميق.
أنا أرى الأمل، ولو كانت فى السماء غيوم رمادية، أرى أن صحوة مقبلة قريبا سوف تأتى تجبرنا على الاستيقاظ قبل فوات الأوان، فقد تجاوزنا مفترق الطرق، دخلنا الطريق الخطأ وعلينا أن ننتبه أنه يجب العودة للسير فى الاتجاه الصحيح.
يا مصر، حالم بك، لأننى أتوقع منك خيرا كبيرا، ولأننى مثل ملايين.. لا نستطيع الحياة بدونك. أحبك يا بلدى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة