فى أعقاب كارثة ماسبيرو طالبت بعض الأحزاب والصحف وكثير من الشخصيات الوطنية بإقالة حكومة شرف أو قبول استقالته، وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى. ومع كامل الاحترام لدوافع المطالبين وحرصهم على الثورة، أعتقد أنه لابد من التخلى عن هذا الطلب.. وهناك أكثر من سبب يدفعنى للصبر على خنوع وفشل وزارة شرف، أهمها الانتخابات أخشى أن تعرقل استقالة أو إقالة وزارة شرف السير فى إجراءات الانتخابات، أو يوظفها البعض داخل الحكم الجديد لتأجيل الانتخابات أو إلغائها. وأعتقد أن شرف لن يستقيل، كما أن المجلس العسكرى لا يمكن أن يفرط فى الرجل أو يقبل استقالته أو حتى يقيله فلن يجد سياسيا له موقف ورؤية يقبل أن يكون رئيس وزراء منزوع الصلاحيات، والحقيقة أننى غير قادر على تفسير أسباب تمسك شرف بمنصبه رغم كل هذا الفشل، فالرجل له من اسمه نصيب، فسمعته طيبة ولم يتورط فى فساد مبارك لكنه تورط فى أخطاء هائلة ألحقت الأذى بالثورة، ويبدو أن هناك ما لا نعرفه عن شرف، وبالتالى لابد أن ننتظر حكم التاريخ عليه لنعرف الأسباب الحقيقية لاختياره، وتسويقه لنا فى ميدان التحرير، وأسباب تمسكه بالوزارة أو الإبقاء عليه.
وبافتراض أن شرف استقال بالفعل فإن المجلس العسكرى سيأتى بوزارة جديدة بنفس مواصفات وزارة شرف، أى وزارة لا تحكم وليس لها سلطة اتخاذ القرار وذلك بموجب أن المجلس العسكرى يحتكر القوة القهرية، كما أن الإعلان الدستورى- صاغه وأصدره المجلس العسكرى - يخوله سلطات واسعة.
المهم الآن إجراء الانتخابات وأعتقد أنه حان الوقت كى تمارس القوى والأحزاب المدنية نقدا ذاتيا تعترف فيه بخطأ موقفها عندما طالبت بالدستور أولا، ثم عارضت الجدول الزمنى الذى وضعته لجنة تعديل الدستور- انتخابات البرلمان فى يونيو الماضى- وطالبت بتأجيل الانتخابات لإتاحة الفرصة أمام الأحزاب الجديدة للاستعداد. ويجب أن تعترف القوى المدنية بأن موقف التيار الإسلامى بقيادة الإخوان كان أكثر خبرة وحكمة، وربما انتهازية، فقد تعلموا من درس 1954، كما أنهم أقرب إلى رجل الشارع الذى يبحث عن الأمن والاستقرار، لقد خرج التيار الإسلامى من الثورة أكثر تنظيما وخبرة وقدرة على خوض الانتخابات، وبالتالى حركته آمال مشروعة فى السيطرة على برلمان الثورة عبر انتخابات نزيهة لا يخوضها فلول الحزب الوطنى، ولا تجيدها القوى المدنية التى تفتقر للخبرة والتنظيم والوجود المستمر فى الشارع.
وأتصور أن القوى المدنية كانت أكثر مبدئية فى مواقفها، ولم يكن لديها لا الخبرة ولا الحسابات السياسية البرجماتية التى حركت التيار الإسلامى. فطالبت بالدستور أولا وهى مسألة منطقية تماما، لكن المنطق لا يصلح أحيانا فى حسابات السياسة، كما أن تأجيل الانتخابات قد يغرى بعض أعضاء المجلس العسكرى بالاستمرار فى الحكم، لذلك شدد التيار الإسلامى على الانتخابات وسرعة تسليم السلطة لحكومة منتخبة، وفى الوقت ذاته حرص على عدم الصدام مع المجلس العسكرى فشارك بحساب فى مليونيات ما بعد رحيل مبارك، ومارس ضغوطا محسوبة أيضا من أجل تعديل قانون الانتخابات والإسراع بتسليم السلطة لمدنيين، بينما كانت القوى المدنية بعيدة فى كل مواقفها تقريبا عن تلك الحسابات، مما أبعدها عن المجلس العسكرى وعن الشارع- حنين قطاعات منه إلى أيام مبارك- وأنهك قواها فى حشود ومليونيات كثيرة بعضها لم يحقق الأهداف المنشودة. باختصار مطلوب تحمل حكومة شرف والضغط لتحسين أدائها، وتوسيع سلطاتها، لأنه لن يأتى بديل أفضل منها فى الظروف الحالية، ومطلوب أيضا توافق كل القوى والأحزاب المدنية والإسلامية لإجراء الانتخابات والضغط من أجل الإسراع بالجدول الزمنى لوضع دستور جديد ورئيس منتخب فى موعد أقصاه مارس القادم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
الخنوع
للأسف الخنوع لايجدى معه توسيع السلطات.
عدد الردود 0
بواسطة:
mah,oued al said
الضرب في الميت حرام