«لقيت إن كده ما ينفعش.. قلت لازم أهد الفيلا وأبنيها من جديد»!، هل تذكرون هذهِ الجملة العبقرية على لسان «حسن» بطل رائعة الراحل أسامة أنور عكاشة «أرابيسك»، الحوار كان فى مشهد يختتم الحلقة الأخيرة من المسلسل الذى ظل طوال ثلاثين حلقة، يتناول أحداثاً وشخصيات، ترجمت حال مصر فى منتصف تسعينيات القرن الماضى، لكن الحدث الذى استمر من بداية الحلقات حتى آخرها، كان مهمة عمل أوكلها العالِم النووى المصرى العائد من أمريكا «والذى قام بدوره الراحل كرم مطاوع»، كى يقوم بعمل ديكور للفيلا التى سيقيم فيها ببلده بعد طول غياب، وطلب من حسن أن يجعلها تعكس تاريخ مصر، بمراحله الفرعونية والقبطية والإسلامية، وصولاً للعصر الحالى، ويعمل حسن باجتهاد «صنايعى» مخلص، وإبداع فنان حالم، جاءه مشروع عمره، لكنه وفى مفاجأة غير متوقعة، يهدم الفيلا تماماً، ما انتهى به فى قسم الشرطة، بعد بلاغٍ من العالِم الذى كان مذهولاً مما حدث، وحين سأل الضابط حسن لماذا فعل ذلك؟ رد بتلقائية بالجملة السابقة، فماذا كان يعنى بطل المسلسل، وهو المصرى المجتهد والموهوب، وأحد أبطال حرب أكتوبر، والذى أورثه سوء الحال فى بلده، والتباس آليات تقييم النجاح والفشل فيها، سلبيةً تبطن إحباطاً بلا حدود؟ وبمعنى أصح ماذا كان يقصد أسامة أنور عكاشة؟ هل انتبه مبكراً إلى هذهِ الدرجة، إلى أنه لا مناص من أن «نهد الفيلا» ونبنيها من جديد؟ أقصد «البلد» طبعاً، هل رأى مذ حينها، أنه لا سبيل إلى أن نتجاهل اختلافاتنا وعلينا أن نجعلها تتفاعل، لا أن يقصى أحدنا الآخر، كما اعتدنا أن تقصى كل مرحلة تاريخية فى بلدنا ما سبقها؟
الأحداث المؤلمة التى وقعت هذا الأسبوع، وتغطية التليفزيون المصرى المؤسفة لها، دفعت بهذا المشهد إلى ذهنى، ولم أعد أرى أمامى سوى «حسن»، وسؤال واحد يتردد فى ذهنى: «نهد الفيلا» ونبنيها من جديد؟
أخشى من كل قلبى أن تكون تلك هى الحقيقة، وأنه لا بديل عنها، فقد رفعت الأقلام يا سادة.. وجفت الصحف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة