هانى صلاح الدين

الانتحار ليس حلاً

السبت، 22 يناير 2011 05:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يختلف اثنان على أن مصر تعيش أسوء مراحل تاريخها، ويعانى شبابها كماً من المشاكل المزمنة، التى أثقلت كاهلهم وشيبت رؤوسهم، وعلى رأسها البطالة والمحسوبية والفقر، لكن ما أزعجنى كثيراً إقبال كثير من الشباب على الانتحار، تحت مظلة الاحتجاج على هذا الواقع المرير.

وأرى أن الانتحار لن يكون حلاً لمشاكلنا السياسية والاجتماعية، بل سيحمل الأسرة المصرية مزيداً من المآسى بعد فقدان أبنائهم من الشباب، كما أن هذا الأمر يحكمه الدين، التى تؤكد تحريم ارتكاب هذا العمل، فقد أجمع علماء الأمة السابقون واللاحقون على حرمة الانتحار، كما أصدر مجمع البحوث الإسلامية مؤخراً، بياناً أكد فيه أن الانتحار حرام شرعاً فى الإسلام، حتى لو كان نوعاً من الاحتجاج، وأنه لا يجوز إزهاق النفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق.

وقد توالت آيات القرآن لتؤكد لنا أن النفس هبة الله، ولا يحق للإنسان الاعتداء عليها بالانتحار، فقال ربنا "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً"، وقوله عز وجل "وأنفقوا فى سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين"، وما جاءت الأديان إلا لحفظ النفس البشرية، وحمايتها من المحرمات والمهلكات.

ولذلك أرى أن الغضب الذى يملأ قلوب شبابنا، لابد أن يتحول إلى طاقة عمل جبارة من أجل تغيير الأوضاع المقلوبة فى وطننا، وعليهم أن يُفَعِّلوا كل الوسائل السلمية للاعتراض على السياسات، التى أغرقت البلاد والعباد فى ذل الحاجة والفقر والاستبداد، خاصة أن حكومتنا لن يتحرك لها ساكن حتى لو حرق نصف الشعب أنفسهم على بوابات البرلمان أو الوزارات.

الإيجابية تستوجب على شبابنا المواجهة لا الهروب من خلال الانتحار، فما سمعنا فى تاريخنا عن منتحرين صنعوا التغيير، بل سمعنا عن رجال رفضوا واقعهم، وبددوا الظلم بإرادة الإصلاح، وصمموا على إخضاع الحكام لمطالبهم، ومنهم الشباب الذين غيروا وجه التاريخ، ولعل من أمثلة هؤلاء السلطان محمد الفاتح، الذى كتب الحروف الأولى من تاريخ الخلافة العثمانية بجهد شهد له الجميع، ونجح فى فتح القسطنطينية وتولى مقاليد الحكم، وهو ابن 22 عاماً، وتحدى العالم وأجبره على عمل ألف حساب لدولته وشعبه، إنها نماذج تدفع شبابنا لمزيد من الجهد والمثابرة، وتبعث فى نقوسهم الأمل بأن تغيير الواقع من السهل إذا توفرت الإرادة.

كما على حكومتنا إعادة حساباتها من جديد، وترفع شعار الإصلاح، حتى يكون بيدها لا بيد عمرو، فليس هناك عاقل فى مصر ينكر أن أوضاع وطننا تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وأن التغيير أصبح ملحاً ومطلباً ضرورياً لكل فئات الشعب، كما عليها أن تتقى الله فى شبابنا الذى اندفع بقوة نحو جريمة الانتحار، بعد أن ضاقت عليه سبل الحياة، وانعدمت فرصة فى الحصول على العمل والمسكن والحياة الزوجية، وهى كلها ضروريات إنسانية تعد من الواجبات التى على الحكومات توفيرها.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة