سأطبق القانون بكل حزم على المتطرفين والمحرضين المأجورين ضد مصالح البلاد، ونعلم أن نوايا الشعب طيبة لكن هناك من يستغل هذه النوايا استغلالاً سياسياً، وكل هذه الحملات الإعلامية مغرضة هدفها الإساءة لسمعة البلد، وبث روح الحقد والبغضاء، فأعداء البلد يستخدمون مجريات الأحداث لغايات مشبوهة واختلاق استنتاجات مضللة ومزاعم واهية ويتعمدون تأليف المغالطات التى ترمى إلى بث الفوضى وزعزعة الاستقرار، وأكرر إن القانون سيطبق على هؤلاء بحزم".
الكلمات السابقة من إنشاء ديوان الرئاسة التونسية وإلقاء الرئيس الهارب زين العابدين بن على أو كما يطلق عليه الآن زين "الهاربين" بن على، والآن أرجوك العب معى هذه اللعبة، احذف كلمة البلد من الفقرة السابقة، وضع مكانها اسم أى بلد من الدول العربية، ثم تخيل أن أى رئيس من أصحاب الجلالة والفخامة والسمو هو الذى يقول هذا الكلام، تخيل أنه يرتدى عباءة أو بدلة أو غطرة، أو زيا عسكريا، هل ترى فرقا؟ يهيأ لى أن الإجابة تونس.
كلنا تونس، هكذا تنبأ الإفيه الشعبى قبل اندلاع ثورة الأبطال التوانسة، فكان كلما سأل شخص فى مصر أحدا عن شىء لا يعرفه يقول: بسم الله الرحمن الرحيم الإجابة تونس، لا أحد كان يعرف أصل الإفيه، ولا مرماه، لكن الضحك كان سيد الموقف، والآن عرفنا أنها فعلا تونس التى أعادت تشكيل الخريطة على هوى شعبها، والتى أثبتت أن أمريكا أضعف من أن تحمى خدامها، وأن الشرطة التى تعذب وتسحل وتسجن وتعتقل أضعف من أن تقف أمام طوفان البشر، وأثبتت أن أبناء الجيش لن يكونوا يدا على الشعب، ولا عصا إرهاب وقسوة وبطش، وفى الحقيقة كشفت ثورة الشعب التونسى أن تساؤل المتظاهرين الذين كانوا يرددون فى المناسبات المختلفة "واحد اتنين الجيش العربى فين" فى غير محله، فها هو الجيش التونسى يرد على السؤال، نحن معكم سندا وعونا وأخوة ومناصرين وحامين، شرط أن تثبتوا لنا أن رغباتكم هى التى تتحكم فى هتافاتكم، لتتحد الإرادة الشعبية مع قوة أبنائه، ليظهر الحق ويهرب الباطل، إن الباطل كان جبانا.
فر الرئيس زين الهاربين كالفأر من المركب حينما أدرك أنه ليس قائدا، أثبت زين الهاربين أنه مثل غيره جبان، وكل الطغاة جبناء، من لا يستطيعون أن يواجهوا بشرف، فهم أولى الناس بالخذلان، ومن يستبيحون الحرمات وينتهكون الحريات، ويسجنون الأبرياء، ويزورون الانتخابات، ويسرقون الثروات، ويحرمون أصحاب الأرض من الأرض، ويجوعون البسطاء، ويطحنون الفقراء، كل الطغاة هكذا، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، يتنمرون فى العلن، ويرتجفون فى الخفاء، إلى أن يفضح الشعب زيفهم وخوائهم.
كتبت تونس تاريخاً جديداً للمنطقة العربية كلها، تعذبت تونس فصرخنا، ثارت تونس فأيدنا، انتفضت تونس فابتهجنا، انتصرت تونس فانتصرنا جميعا، رددت الثوار، تونس خضرا تونس حرة، تونس حرة بن على بره، ما أجملهم وهم يحتمون بالنشيد الوطنى، ما أروعهم وهم ينزلون إلى الشوارع يعلنون العصيان على العصيان، ما أشجعهم وهم يتقبلون المزيد من الرصاص بالمزيد من الإصرار، ما أبهاهم وهم متحدون متآلفون عازمون أقوياء، ما أضأل قاهريكم، ما أجبن معذبيكم، صرختهم أهم ألف مرة من السلاح، وأرادوا الحياة فاستجاب القدر، وانجلى الليل وانكسر القيد وأثبتوا أن القصيدة أقوى ألف مرة من الدبابة، وأن الصرخة أشد قوة وإيلاما من القنبلة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة