عمرو جاد

عن الذين فقدوا الرجولة

الجمعة، 14 يناير 2011 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يستيقظ المواطن العربى كل يوم فينظر فى المرآة ليتأكد من أن كل شىء فى مكانه، الأنف والعينان والفم، يلاحظ بعضا من التورم فى خده الأيسر ويقول لنفسه "أعراض برد" مستبعداً نظرية المؤامرة واحتمالات الاعتداء، يذهب لعمله ويعود فيقبل زوجته أو يضربها ثم ينام، وقبل أن ينام ينظر مرة أخرى فى المرآة ليطمئن على خده الأيسر..

هذا ما يفعله العربى ولا تحاول أن تقنعنى أن أى منا يفعل أكثر من ذلك، يكفينا من الدنيا راحة البال وموت الضمير وتبلد الإحساس، تلك نظرة تشاؤمية؟.. نعم فسينفصل جنوب السودان ويهدأ شباب الخبز والحرية فى تونس، ويظل لبنان مهترئا، وتستمر الخصومة بين مصر وسوريا، وتسير قطر فى طريقها، ويرتدى الفساد ثوبا آخر فى الجزائر، وتكتفى السعودية بالسؤال عن صحة عاهلها، وتنشغل مصر بالطائفية والتغيير الوزارى ورشوة المرسيدس، ولن يستيقظ العربى من النوم، وأيضا لن يعالج خده الأيسر.

نعرف جميعا أن حالنا لا يسر وسيرتنا أصبحت أحاديث تروى فى أروقة الدول المتقدمة، كشعوب متخاذلة تجوع وتأكل من ثدييها وتفكر كثيراً فى أوهامها أكثر مما تفكر فى مستقبلها الغامض، تسير نحو الهاوية كعمياء تسير على مهبط الطائرات، تستطيع الآن أن تتحدث بشجاعة عن العروبة بوصفها ماضيا بغيضا أو حلما بعيد المنال، حسب موقفك منها، لكنها ستظل رغم أنفى وأنفك المسدودان بفعل الزحام واليأس، جزءاً لا يتجزأ من تكويننا الداخلى وهويتنا المفقودة، حتى وإن لعنّاها صباحاً، ودفعناها فدية لعلاقات حكامنا المشبوهة مساءً، ستظل عروبتنا رباطاً مقدساً، وتمثالاً مخلداً فى مدخل كل مدينة وقرية فى عالمنا العربى الضائع.

ليس ذنبى ولا ذنبك يا صديقى أننا أصبحنا هكذا بلا هوية، أنظمتنا هى السبب، هى من نزعت عصب الإحساس من تحت جلودنا، وساقتنا قطعانا من ماض أسود لحاضر بغيض، لتعشمنا بمستقبل يحسبه الظمآن ماء، بإمكانك الآن أن تنتحب وتقطع ملابسك حزناً على جنوب السودان، ولكن فى سرك حتى لا تفسد حساسية العلاقات الدولية، والشراكة الاستراتيجية، لو كان هناك مسئول عربى واحد يمتلك الشجاعة التى يظهرونها عند توعد القلة المندسة، بأن يخرج علنا ويقول: "نحن ضد تقسيم السودان" لما بشمت الثعالب الخبيثة من أطراف العالم العربى، لكنهم جبناء خائفون منقادون، يخشون غضب أمريكا أكثر مما يخشون عقاب الله..

ستنظر لى بسخرية وتتهمنى بأنى أقول كلاما كبيراً؟.. لا يا صديقى لم يعد هناك كلام كبير ليقال، فكل الكلام تافه والتعبيرات سخيفة، هذا ما أحسه، وهذا مالا تريد أن تسمعه حتى لا يتأذى ضميرك بالاستيقاظ مبكراً، لن يسامحنا الله على التفريط فى عروبتنا، ولن ينسى لنا التاريخ أننا تخلينا عن السودان بعدما أضعنا شامها وعراقها.. سيظل العربى دائما يستيقظ ليطمئن على كل شىء دون أن يسأل نفسه مرة عن رجولته المفقودة وحمرة الخجل التى ذهبت من وجهه.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة