المصريون أهمه .. تعبير يليق بالبث المشترك لاحتفالات قداس الميلاد ليلة الخميس الماضى ، البث الذى شاهده المصريون بتقديم أشهر إعلامييهم ، هو نموذج جديرٌ بأن يحتذى به ؛ ليس على مستوى برامجى وحسب ، وإنما على مستوى التفكير.. وهو الأهم.
بغض النظر عن الأسباب المعروفة التى كانت سبباً فى تنظيم هذا البث المشترك ، فإن الحدث فى حد ذاته ، هو رسالة تعبر عن أن المصريين يستطيعون العمل المشترك حين يرغبون فى ذلك ، وبرغم الصورة المعروفة عنا باعتبارنا شعبا يؤمن بالخلاص الفردى ، ولا يسعى للعمل الجماعى ، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك .. وقت الحاجة.
»العمل الجماعى« .. هو تماماً ما نفتقده فى مصر ، والعمل الجماعى يحتاج إلى إيمان ـ بالأساس ـ بأن خلاص الفرد هو فى أمان وتقدم المجموع ، وأننا لو عملنا سوياً لا يعنى هذا أن أحداً بالضرورة سيكون الأفضل أو »الريس« ، بل إننا نستطيع العمل متجاورين لتحقيق أهداف مختلفة ، وبدوافع متعددة ، وبطرق متنوعة ، وإن كان الكل فى نهاية المطاف يسعى للنجاح والتفوق والمجد.
التفكير الجماعى والعصف الذهنى ، ما نحتاج إليه بشدة هذه الأيام ، فالخروج من مصابنا الأليم الذى تجسد فى حادث الإسكندرية ، لن يكون بتضميد الجراح ، ولا تعزية الأسر الثكلى ، ولا ترديد شعارات الوحدة الوطنية واستنكار الإرهاب؛ الخروج مما نحن فيه يعنى أننا بحاجة لما هو أكثر من ذلك : لا مفر من النقاشات الجدية ، ومواجهة النفس بكل ما هو مؤلم لكنه حقيقة، فتراكمات سنين من التطرف الفكرى على كل الأصعدة وبين كل الفئات وشرائح المجتمع المصرى ، تحتاج لمجهود جبار وعزيمة حديدية كى نرمم ما نتج عنها من شروخ.
والعمل الإعلامى الجماعى هو ضرورة ملحة فى هذه الفترة ، وإن كان عكس طبيعة هذه المهنة التى عمادها المنافسة الشديدة ، وإن كان هناك زمن سيأتى لا بد لجهود الإعلاميين المصريين فيه أن تتوحد ؛ فهو هذا الزمن بكل تأكيد، هى لحظة حاسمة فى مصير مصر ، فى مصائرنا جميعاً ، لا فرق بين غنى وفقير ، جاهل أو متعلم ، مسلم أو مسيحى ، جنوبى أو شمالى ، فحياة ومستقبل الكل على المحك : أن ترسم لذريتك مستقبلاً آمناً أو أن تقع ضحية تفجير إرهابى فى لحظةٍ ما قادمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة