لقد استشعر كل مصرى بالخطر الذى أصبح يهدد وطننا، بعد الجريمة الإرهابية التى شاهدتها كنيسة القديسين بالإسكندرية،
والتى استهدفت بوضوح شرخ جدار الوطن وتمزيق نسيجه الشعبى، من خلال زرع ألغام الفتنة الطائفية، وازداد قلقنا جميعا بعد محاولات أعداء مصرنا توظيف هذا الحادث الذى استنكره الجميع مسلمين ومسيحيين لتحقيق أهداف خبيثة، فتارة وجدنا الأصوات الغربية تنعق كالبوم مطالبة المؤسسات الدولية بحماية أقباط مصر، وتارة نجد مؤسسات دينية دولية كالفاتيكان تضرب على أوتار الفتن، من أجل تعمق الجرح وتفتيت الوحدة الوطنية، وتارة نجد من بنى جلدتنا من استغل الحادث لبث سمومه، وتهيج الرأى العام المسيحى مستغلا حماسة الشباب القبطى وتأجج مشاعره.
ولقد وجدت بعد هذه الأحداث الإرهابية تحول بعض ساحات الإنترنت والمنتديات لمعارك حربية، بين المتشددين والمتطرفين من الجانبين، وكأنهم يسكبون البنزين على النيران، متجاهلين تربص أعدائنا بنا، متناسين خطورة المرحلة التى يمر بها الوطن، ضاربين بأمن وسلامة المجتمع عرض الحائط، رافضين صوت العقل والحكمة الذى يجبرنا على الهرولة نحو التعافى من فيرس الخلاف، والتداوى من جرثومة الفتنة، والشفاء من ميكروب التعصب والتشدد.
كما وجدت أن هؤلاء المتلاعبين بنيران الفتنة من الجانبين، يستغلون الشبكة العنكبوتية "الإنترنت" فى تشير وإرسال آلاف الرسائل البريدية الإلكترونية عبر الإيميلات، التى تحمل بين طياتها أفكارًا مسمومة، فى ثوب متدين "ظاهره الرحمة وباطنه العذاب"، معتقدين أنهم بذلك يدافعون عن دينهم، وقد أصابنى ذلك بالذعر والخوف على المتدينين البسطاء من الشباب أن ينجروا خلف دعاة الفتنة، ويكونوا وقودًا لمعركة باطلة لن تزيدنا إلا انتهاكا لحرمة وحدة هذا الوطن.
ولكن ما أشعرنى بالأمان ما وجدته من هبة النابهين المستيقظين الواعين بخطورة الفتنة وتداعياتها على مستقبل شعبنا، فقد نجح هؤلاء فى التصدى لدعاة الفتنة، ومحاصرتهم مستغلين الوسائل الإعلامية الوطنية بأشكالها المختلفة وخاصة الإعلام الإلكترونى فى نشر الوعى الدينى الوسطى والتنويرى، محذرين من خطورة الانسياق خلف دعاة الفتنة والتعصب والتطرف.
وكان على رأس هؤلاء الوطنيين أصحاب حملة إنترنت بلا فتنة والتى أطلقها الداعية عمرو خالد، وتضامن معه بعض المواقع الإلكترونية وعلى رأسها "اليوم السابع" وأقباط متحدون، محاولين القيام بدورهم الإعلامى فى التصدى للمتاجرين بالأديان، والمتلاعبين بمشاعر المتدينين، والعازفين على جراح وآلام وطننا، والراقصين على أشلاء الأبرياء من ضحايا كنيسة القديسين،
وعلينا كإعلاميين تبنى مثل هذه الحملات الجادة، وأيضا على القراء التفاعل مع الحملة والترويج لها، من أجل التصدى بكل قوة للتطرف والعابثين بأمن واستقرار مصر.وأرى أن مثل هذه المبادرات التى تحملها قلوب تنبض بحب مصر، ستعمق جذورها فى أرضية هذا الوطن، وفروعها ستظلل سماء مستقبلنا، وستؤتى ثمارها فى كل حين، فهى تمثل محاولات إنقاذ سريع لشبابنا من التورط فى الترويج أو المشاركة فى إشعال الفتن الطائفية وحملات العداء المتبادل بين الطرفين.
من الممكن أن نختلف فى وجهات النظر، ومن حق الجميع المطالبة بحقوق المواطنة التى أقرتها الأديان والقانون والدستور، والنقد متاح للجميع طالما يغلفه الحرص على مصلحة الوطن ويظلله احترام مؤسسات الدولة، لكن لابد أن نعلم جميعا مسلمين ومسيحيين أننا فى سفينة واحدة إذا غرقت غرق الجميع، وإذا نجت نجا الجميع، ولن يترك المخلصون من شعبنا أى أيد تحاول العبث بسفينة الوطن، وعلى النظام الحاكم فتح صفحة جديدة مع كل المصريين بمختلف معتقداتهم وأيديولوجياتهم، من أقصى اليمين لأقصى اليسار، فالوحدة الوطنية واجب الوقت، والإصلاح السياسى والاجتماعى فريضة لابد من تأديتها، ورد الحقوق للشعب المطحون فاتورة لابد من دفعها، حتى تنعم مصر بالاستقرار وتصبح بالفعل بلد الأمن والأمان.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة