كشفت كارثة تسرب السولار فى النيل عند أسوان إلى أى مدى ترتعش أيدى المسئولين وقلوبهم وكراسيهم فى الأزمات، خذوا عندكم مثلاً بعد الكارثة.. تم إخبار المواطنين بقطع المياه عنهم بعد تلوث مآخذ محطات الشرب وهذا إجراء سليم، إلا أن نشر الخبر فى وسائل الإعلام أشعر المسئولين هناك باحتمال أن يوجه إليهم لوم من إحدى جهات المتابعة، فكان الحل من وجهة نظرهم هو الإسراع بنفى خبر قطع المياه دون أن يخبروا المواطنين ووسائل الإعلام، كيف يسمحون لمحطات مياه الشرب بالتعامل مع المياه الملوثة .
الحل من وجهة نظرهم أن بقعة السولار "الرخمة" سوف تتحرك بعيداً عن محافظتهم، وسرعان ما أعلنوها لجميع وسائل الإعلام، الحمد لله، تحركت بقعة السولار خارج حدود المحافظة ولم يعد لنا بها أى علاقة، ولا يسألنا أحد عن أخبار تلوث المياه، لا تلوث ولا حاجة، السولار تبخر، ومواطنو القرى والنجوع عندنا لا اشتروا المياه المعدنية حتى نفذت من الأسواق وارتفع سعرها، ولا الصيادون اشتكوا من تلوث الأسماك، ولا السياح هجروا الفنادق العائمة بسبب الهواء المشبع برائحة السولارالكريهة ، كل شىء تمام ويبدو أن خبر تسرب 110 أطنان من السولار فى النيل كان شائعة مغرضة سربتها أحزاب المعارضة ونحن على أعتاب انتخابات برلمانية وكل سنه وأنتم طيبون.
لم يعرف أحد على وجه الدقة كيف تمت معالجة التسرب ولم تسمع وزارات البيئة والرى بنشر صورة واحدة للتلوث، ولا بالمواد المستخدمة لتفتيت البقعة ولا بالآثار الجانبية المحتملة لهذه المواد، ولم تهتم وزارة السياحة بتشكيل لجان المتابعة للوضع فى هذه المنطقة الهامة على خريطة السياحة المصرية خارجياً وداخلياً، كما لم تهتم هيئة الثروة السمكية بالموقف لا بتحليل عينات المياه والأسماك ولا بإصدار بيان يحدد المدة الزمنية المطلوبة لوقف عمليات الصيد عند أسوان حفاظاً على الصحة العامة للمواطنين.
أسهل الطرق للتعامل مع الأزمة عندنا هو تجاهلها حتى تمر، وهى حتماً ستمر ولكن بعد تفاقم تأثيرها على البيئة والصحة والاقتصاد وسترتفع فواتير التصدى لها بصورة تفوق كثيراً لو تصدينا لها بشكل علمى وأعلنا حدود الخسائر وتفاصيل مواجهتها أولاً بأول مع الأخذ بمبدأ التكامل بين فرق العمل من مختلف الوزارات والهيئات المعنية.
الإجراء الوحيد الصحيح حتى الآن فى هذه الأزمة هو قرار محافظ أسيوط بتشكيل غرفة عمليات برئاسة سكرتير عام المحافظة وعضوية مسئولين من البيئة والصحة والزراعة والرى والأجهزة المعنية بحماية النيل لمواجهة بقعة السولار قبل وصولها إلى حدود المحافظة واتخاذ الإجراءات العلمية الكفيلة بعدم تأثيرها على مياه الشرب والصيد بالمحافظة .
يبقى فقط إعلان تفاصيل قرارات غرفة العمليات وتقديرات التلوث وتأثيره على الصحة العامة أولا بأول ، مع تبنى برنامج لتوعية المواطنين بالتعامل الأمثل مع مياه الشرب فى حالة تغيرها ، وكذلك مع الأسماك ، وهنا يمكن أن يزول الحاجز بين المسئولين ووسائل الإعلام ، وبدلا من أن يشعر المسئول بالخطر من الإعلام ، يحدوث التنسيق والتكامل بينهما .. قولوا يارب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة