لا أظن أن قرار حركة "علماء متحدون" بتأسيس جمعية باسم "علماء مصر" صحيح، فإذا كان الهدف، كما جاء على لسان منسقتها أميرة هريدى، هو تأسيس نقابة العلميين المستقلة، فلا داعى من الأساس إلى الدخول فى متاهات معقدة لوزارة التضامن، ناهيك عن أن قانون الجمعيات الأهلية يحظر عليها العمل فى الشأن النقابى أو السياسى، فهذا القانون البائس صممته السلطة الحاكمة بحيث لا يكون للجمعيات نشاط حقيقى.
ثم إن الوصول إلى الهدف مباشرة يساعد أكثر فى إقرار حق حرية تأسيس النقابات الذى كفله الدستور المصرى، ومن قبله المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتى وقعت عليها الدولة المصرية، ومن ثم أصبحت جزءًا من القانون المصرى، بل والمفترض أنها تنسخ أى قوانين أخرى تعطل هذا الحق.
ورغم أهمية الدستور والمواثيق الدولية، لكنهم موجودون طوال الوقت، أى أن المصرين لديهم هذه الحقوق البديهية منذ سنوات طويلة، لكنهم لم يمارسوها على أرض الواقع إلا منذ سنوات قليلة، وذلك من خلال التجربة الرائدة والعظيمة لموظفى الضرائب العقارية، فقد فرضوا نقابتهم المستقلة على أرض الواقع، دون اللجوء إلى أشكال أخرى معطلة، ونجحوا فى نزع الاعتراف، ليس فقط من الحركات الشبيهة بهم، بل ومن الحكومة ذاتها، أى من خلال وزارة المالية التى اعترف وزيرها الدكتور يوسف بطرس غالى بهم، وأسس صندوقا باسمهم. كما حصلوا على اعتراف دولى، ويحصلون على جائزة اتحاد النقابات الأمريكى منذ عدة أسابيع.
الأمر لا يخص فقط علماء متحدون أو موظفى الضرائب العقارية، فهذه الرغبة العارمة فى تأسيس كيانات مستقلة، لا تسيطر عليها السلطة الحاكمة أو معارضتها، انتشرت لدى كل الفئات، أطباء، صحفيون، إداريو التعليم، عمال وغيرهم. فالأشكال النقابية القائمة بحكم طبيعتها الواحدية، أى نقابة واحدة لمهنة واحدة، أصبحت كيانات بيروقراطية، ولم تعد قادرة على تلبية رغبات أعضائها.
وسوف تكتشف السلطة الحاكمة ورجال الأعمال فى أنهم أصحاب مصلحة مباشرة فى وجود نقابات مستقلة، يستطيعون من خلالها التفاوض مع الإجراء للوصول إلى توازن حقيقى، يصون حقوق كل الأطراف، ويصون استقرار البلد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة