ربما لا يتصور كثيرون أنه لا توجد لوائح تحكم عمل الصحفيين داخل مؤسساتهم، ولكن هذه هى الحقيقة للأسف. ولا أقصد اللوائح الخاصة بالحضور والانصراف، ولا الإجازات ولا غيرها من الأمور الإدارية، فسوف تجدها فى معظم المؤسسات حتى لو كانت صغيرة، كما أن لدينا قانون العمل، رغم أنه لا ينصف الإجراء بشكل كاف، إلا أنه فى النهاية موجود ويمكن الاحتكام إليه.
ما أقصده هو اللوائح النوعية التى تحدد حقوق وواجبات الصحفى التحريرية، سواء كان هذا الصحفى يعمل فى صحافة مطبوعة أو مسموعة أو مرئية، أى القواعد التى تحكم طبيعة المنتج الذى يقدمه، وكذلك علاقات العمل مع رؤسائه، رئيس القسم ومدير التحرير ورئيس التحرير، فهى غير موجودة، فلا توجد قواعد يمكن الاحتكام إليها من جانب القيادات التحريرية فى التعامل مع المحرر. فعلى سبيل المثال ما هى عقوبة تأخير تسليم تحقيق صحفى عن موعده، وما هى عقوبة عدم تسليم الشغل كما تم الاتفاق عليه، ما هى عقوبة فبركة خبر؟
كما لا توجد قواعد واضحة للثواب، فمتى يتم صرف مكافأة استثنائية للصحفى أو رئيس القسم أو مدير التحرير، ومتى يتم صرف مكافأة لفريق الإعداد فى برنامج تليفزيونى، ومتى يتم العقاب عند وجود أخطاء وعلى أى أساس؟
للأسف لن تجد إجابة، فكلها أمور تقديرية، فذات العمل يمكن أن تكون المكافأة عليه جنيه أو عشرة. وذات الخطأ يمكن أن يكون العقاب عليه بخصم يوم أو أكثر. فكلها ممارسات تحريرية ومهنية تستند على تقديرات جزافية غير محددة، وبما أنها هكذا ، ففى الغالب سوف يتدخل فيها الطابع الشخصى، من الرئيس والمرؤوس، فنحن بشر.
بالطبع مهنة الصحافة مثل كثير من المهن تعتمد على الابتكار، وبالتالى هناك مساحات فى علاقة الرؤساء بمرؤوسيهم تخضع للتقديرات الشخصية، وهذا طبيعى، ولكن لابد من وجود حد أدنى يمكن الاحتكام إليه، وطبيعى أن يكون الباقى تقديريا.
واذا فعلنا ذلك سوف يتم تخفيض ما لا يقل عن 70% من التوترات والمشاكل والظلم، والظلم هنا ليس بالضرورة من أعلى إلى أسفل، أقصد من رئيس التحرير على مرؤوسيه، فالعكس منتشر فى كثير من المؤسسات. وبالتالى فضبط العلاقة سوف يستفيد منه الطرفان، الرئيس والمرؤوس، ولكن هذا يحتاج إلى جهد كبير وشجاعة أكبر الجميع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة