ماذا سيحدث لو قرر الصحفيون، أو حتى بعض منهم، الاعتصام أمام رئاسة مجلس الوزراء فى شارع حسين حجازى من أجل رفع أجورهم المتدنية، مثلما فعل موظفو الضرائب العقارية؟
إجابة السؤال صعبة لأن هناك سؤالاً قبله: هل هذا هو المكان الصحيح؟
لأن الحكومة لم تعد وحدها مالكة للصحف، فهناك أحزاب ورجال أعمال، وبالتالى فالصحفيون يحتاجون للاعتصام والإضراب فى مواجهة كل المُلاك، أم أن التظاهر والاعتصام أمام رئاسة الجمهورية مثلاً، يمكن أن يجبر الحكومة على إصدار قانون يفرض حد أدنى من الأجور لكل الصحفيين فى كل المؤسسات أياً كان تصنيف مالكها؟
ربما لكن قبل ذلك، لماذا لم يتحرك الصحفيون مثل معظم فئات المجتمع دفاعا عن الحد الأدنى للحياة، فكيف يدافعون عن غيرهم ولا يدافعون عن أنفسهم؟
ربما السبب هو أن هو أن الجماعة الصحفية توزعت دماؤها بين القبائل السياسية، حكومة ومعارضة، وبين كل أنواع المًلاك، مجلس شورى وأحزاب ورجال أعمال. ثم إذا تظاهر الصحفيون كيف سيكون موقف صحفهم؟!!
القائمون على المؤسسات القومية سيقفون حتماً ضد رفع الأجور، فهم ليسوا أصحاب مصلحة. وكذلك الصحف الحزبية والتى ستحاربهم وتقف ضدهم، لأن مُلاكها وخاصة المناضلين ليسوا أصحاب مصلحة، بل هذا التحرك ضد مصلحتهم. وذات الأمر ينطبق على الصحف الخاصة.. فهى ومعها الصحف المعارضة سيتخلون فورا عن شعارات الدفاع عن الفقراء التى يرفعونها فى مواجهة الحكومة، فهم الأكثر انتهاكاً لحقوق الصحفيين العاملين لديهم.
أى أن كل المُلاك، أيا كان قناعهم السياسي، سيتوحدون ضد الأجراء، أيا كان انتمائهم السياسى أيضا، أى أن المالك الشيوعى على سبيل المثال سيحارب بكل قوته الأجير الشيوعى حتى لا يأخذ أجرا معقولا.
إذن المسالة ليست هنا كما يدعى المناضلون سياسية، ولكنها باختصار صراع بين مًلاك وأجراء لا أكثر ولا أقل.
هذا لا يعنى الإحباط، بل يعنى فقط أن أول خطوة فى طريق الحصول على الحقوق المغتصبة أن نزيل الغشاوة من على أعيننا، فليس معنى أننى مؤيد – مثلاً للنظام الحاكم- ألا انتفض ضده للحصول على حقوقي، خوفاً من اتهامى بالعمالة للمعارضة أو لجهة أجنبية. وليس معنى أننى مؤيد للحزب المعارض الفلانى ألا أًضرب عن العمل فى صحيفته لمنع سرقة حقوقي، وليس معنى أن رئيس التحرير المناضل الأشوس يسرقنى أن اصمت، حتى لا أصبح عميلاً للحكومة.
فالحقوق واضحة لا لبس فيها، وحان الوقت لأن نتصدى للذين يزورونها حفاظا على مكاسبهم الشخصية الضيقة، سواء كان عملهم التأييد أو المعارضة.
سعيد شعيب
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة