مع بداية شهر يوليو من كل عام، نجد شعبنا المغلوب على أمره، يعيش حالة من الترقب، فالكل يضع يده على قلبه خوفا من الارتفاع الهستيرى للأسعار، وأصبح أول يوليو يمثل للمصريين "بعبع" يهدد ميزانية الأسرة، وبالفعل وجدنا مع قدومه أن الأسعار أصيبت بحمى الارتفاع، وطرأ على كل السلع الغذائية الرئيسية، مثل السكر والأرز، والزيت والسمن، حتى الفول الذى يعد الوجبة الرئيسية عند الجميع، ذلك بخلاف مواد البناء مثل الأسمنت والحديد والطوب، زيادات جعلت الكل يقف عاجزاً عن إحداث توازن بين الدخل والمصروف شهريا.
وقد دفع هذا الحال البعض للتخلص من حياتهم، فمنذ أيام قليلة أقدم أحد المواطنين على شنق نفسه بعد أن عجز عن تدبيرمتطلبات أسرته، وإن كنت أرفض هذا الأسلوب -المحرم دينيا- فى مواجهة المشاكل، إلا أنه يعطينا مؤشراً على حالة اليأس التى وصل لها البعض من الوضع الاقتصادى للمصريين.
والملامس للواقع المصرى يعلم جيدا أن الوضع الاقتصادى للأسرة المصرية، وصل لوضع دفع الكثير للكفر بالانتماء للوطن، بل وحمل الجميع أعباء لا يطيقها أحد، وقد تعرضت لموقف غريب بسبب زيادة الأسعار، حيث استوقفنى أحد رجال الشرطة من بلدتى ووجدته يملئه الهم، وقال لى "هو آخر خدمة "الغز" علقة، خدمت فى الشرطة أكثر من 25 عاماً، ولكن راتبى يرتفع ببطء السلحفاة، والأسعار ترتفع بشكل هستيرى، والـ 10% الزيادة السنوية مابتعملش حاجة، أرجوك اكتبوا حاجة توقف ارتفاع الأسعار، أنا عارف الصحف الحكومية بتخلى الدنيا وردى، واحنا محروقين بنار الأسعار، طالبوا الريس يبص على الغلابة شوية الرحمة مطلوبة"، وبالطبع لم ينسَ الرجل أن يوصينى ألا أذكر اسمه من قريب أو بعيد، وإلا سيكون مصيره كخالد سعيد!
وما تلك إلا شريحة من شرائح المجتمع المكتوى بنيران السياسات الاقتصادية للنظام الحاكم، وأعلم جيدا أن أصحاب المناصب من فخامات السادة الوزراء ورجال السلطة والمسيطرين على مقاليد الاقتصاد المصرى، لا يستشعرون معاناة عامة الشعب.
وذلك يدفعنا بوضوح للمطالبة بتقسيم جديد للثروة الوطنية، بشكل عادل يراعى المساواة وتكافؤ الفرص، ويضع على قائمة أولوياته البسطاء الذين يعيشون فى مآسى يومية، وينهشهم الجوع والفقر والمرض، فقد آن الأوان أن تصحح الأوضاع الاقتصادية وتعود الثروة الوطنية لمستحقيها الفعلين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة