بغض النظر عن الشكل الكاريكاتورى الذى قدم به السيناريست يوسف معاطى اليسار والتيار الدينى ففيلمه "الثلاثة يشتغلونها" رسالة، وهى أن نظام التعليم فى بلدنا يؤدى إلى تخريج شخصيات أقرب إلى الماكينات، فليس لديهم قدرة على التفكير وعلى الحياة، وهؤلاء لا يصنعون ويقاتلون دفاعا عن التخلف.
لكن الحقيقة أيضا هى أن نظام التعليم هو نتاج للثقافة السائدة فى بلدنا التى لا تعترف بحرية النقد وحرية التفكير، فالأب لا يريد من أولاده سوى الحفظ للحصول على أعلى الدرجات، ومن ثم التعيين فى مناصب مرموقة.
فالفنان صلاح عبد الله كان متأكدا من قدرة ابنته ياسمين عبد العزيز على أن تصبح رئيسة لجامعة القاهرة، فعدم التفكير والقدرة المذهلة على الحفظ قد أوصلتها إلى أن تكون الأولى على الثانوية العامة، فما المانع فى أن تصبح رئيسة جامعة، بل ووزيرة.
هذا المنطق المختل ستجده فى مختلف جوانب حياتنا، فمعظم الرؤساء يريدون من مرءوسيهم التنفيذ بمهارة، أى حفظ تعليماتهم وتطبيقها حرفيا، دون أى إبداع أو تفكير. وستجد الشيخ فى المسجد والقس فى الكنيسة لا يريد منى ومنك إلا تنفيذ ما يتصور أنه تعليمات الله جل علاه، وإذا حدث وفكرت بأى شكل فمن المؤكد أنهم سيطردونك من الكنيسة ومن المسجد، بل ومن جنة الله التى لا يعرفون يقينا من يدخلها ومن الذين سيحرمون منها.
فى السياسة لن تجد فارقا كبيرا، فالحزب الوطنى، حزب السلطة الحاكمة، لا يريد أن تكون هناك حريات حقيقية، لأنه يخاف علينا من المعارضة التى يمكن أن تضحك علينا، فنعطيها أصواتنا، وتروح البلد فى "ستين داهية".
ولا تتصور أن المعارضة وأحزابها ونخبتها تختلف عن الحزب الحاكم، فالفارق أن هذا يحكم، وهذا ينتظر الفرصة للانقضاض ليحكمنا هو بذات الآليات. ففى معظم، إن لم يكن كل أحزاب المعارضة وكل القوى السياسية المعارضة، لا تستطيع انتقاد ما يراه السيد الرئيس، وإذا حدث وفعلتها سيذبحونك باتهامات من نوع الخيانة والعمالة للسلطة.. إلخ.
نحن مجتمع قرر أن يتخلص من النعم التى منحها الله جل علاه للإنسان، وأهمها على الإطلاق الحرية، فبدونها لا توجد حياة ولا تقدم ولا أى شىء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة