سعيد شعيب

فقرة إعلانية عن مصر

الخميس، 15 يوليو 2010 12:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المتوقع أن يعامل الكثيرون الفيلم الجديد "عسل أسود" بالحجم، أى كم ذكر من السلبيات وكم ذكر من الإيجابيات. وبعضهم سيعامله كما لو أنه نشرة دعاية وإعلان عن البلد، مطلوب من القائمين عليه أن يقدموا مصر كأنها فى "كارت بوستال"، "يعنى رائعة ومحصلتش".

فالمطرب تامر حسنى قال لمجلة الشباب منذ أيام إن فكرة الفيلم ضايقته، لأنه نشر غسيلنا أمام العالم كله. وقال إيضا إنه كان يتمنى رؤية إيجابيات على قدر المساوئ.

إنها نظرة لا تفرق بين الفن ونشرات وزارة السياحة، فمن حق مبدعى هذا الفيلم أن يقدموا سوءات فقط، ففى النهاية هذا هو رأيهم الذى يجب أن نحترمه وندافع عن حقهم فى أن يقولوه دون تلميحات عفى عليها الزمن بالاتهام الشهير "الإساءة لسمعة مصر"، فالذى يسىء لسمعة البلد فعلا، ليس الأفلام ولا الصحافة ، ولكن السياسات التى أدت إلى كل هذه الفوضى والعشوائية التى نعيش فى ظلها.

وبهذا المعيار فالفيلم الذى كتبه خالد دياب ليس يرصد سلبيات السلطة الحاكمة الفظيعة، ومنها على سبيل المثال الإهانة والتعذيب من قبل بعض ضباط الشرطة، بل يمكننا القول إن معظمهم يستهين بالناس، والمفترض ليس فقط أن يحترموا حقوقهم، بل الأصل هو أنهم يعملون عند دافعى الضرائب وليس العكس طبا.

وإذا اكتفى الفيلم الذى أخرجه خالد مرعى وقام ببطولته أحمد حلمى، بعيوب السلطة الحاكمة، فهو لم يقدم جديدا، بل شجاعته هنا فى أنه قدم نقدا صريحا للمصريين، بثقافتهم التى لا تحترم أهل البلد وتقدس الأجانب. الفهلوة وهى خلاصة مجموعة جرائم، منها الكذب والنصب والاحتيال وعدم احترام قيمة العمل.. الخ.

لكن مشكلة الفيلم فى أنه أراد فى نهايته أن يقدم التوازن الذى يرضى كل الأطراف، فقرر أحمد حلمى الذى يعيش فى الولايات المتحدة الاستقرار فى مصر "عشان الجدعنة والعشرة والعيش والملح"، والحقيقة أنها حلول مفتعلة فنيا ومن الصعب أن يصدقها أحد. والسبب فى ذلك أن صُناع الفيلم لم يضعوا رؤيتهم فى دراما محكمة، لكنهم كانوا مشغولين أكثر بتقديم بانوراما للمصريين، وهذا ما جعلهم يصلون إلى طريق مسدود، وكان الحل الوحيد مجموعة من العواطف من الصعب تصديقها، ومع ذلك يبقى للفيلم شجاعته ورغبة فريقه فى أن يقولوا كلاما جادا، حتى لو أغضبك أو أغضبنى.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة