التغيير حلم الكثير من أبناء وطننا، لكن قليل من يسعون للمشاركة فى تحقيق هذا الحلم، وبالرغم من ذلك نجد الكثير ممن يقتنعون بالتغيير يتسرب إليهم اليأس، بسبب سطوة النظام واغتياله لكل المحاولات الوطنية فى التخلص من الاستبداد.
وقد أوقعنى القدر فى مقابلة بعض الشباب المثقفين غير المنتمين لأى من الأحزاب أو القوى السياسية، ووجدت من خلال لقائى بهم أن اليأس يمتلكهم، ويشعرون أن تغيير الواقع الحالى من المحال، وقال أحدهم لى "أنا عن نفسى كنت متحمساً للتغير وشاركت بكل قوة فى المظاهرات المنددة بالاستبداد أثناء فترة الجامعة، وتعرضت أكثر من مرة للإهانة من الأمن وحرس الجامعة، وتحملت ضغوط أسرتى التى كانت تستنكر مشاركتى فى الأعمال السياسية، لكن بعد تخرجى وجدت نفسى أمام طاحونة كبيرة، فمطلوب منى أن أكون نفسى وأجد فرصة عمل، وبعد نجاحى فى هذا الأمر أصبحت مسئولاً عن أسرة، وأنا العائل لها، فوجدت أن المعادلة أصبحت مستحيلة الحل، إما أن أناضل وأطالب بالتغيير، وبالطبع فى هذا الحال أسرتى ستجوع وتشرد، لأن الأمن لن يتركنى وسأكون نزيل معتقلات مصر المختلفة، وإما أكتفى بأن أصلح نفسى وأسرتى وأتجنب العمل السياسى، ولا أقوم بأكثر من إعطاء صوتى لمن يصلح من خلف الستارة.
وقال لى آخر "أنا عن نفسى فقدت الأمل فى الإصلاح، لأنى أعلم جيداً إذا حاولت أن أكون إيجابياً، فسيكون مصيرى مثل خالد سعيد، وسأكون فى النهاية مدمن وتاجر مخدرات، وشهيداً للبانجو، فلما كل هذا العناء، خاصة وأنا منذ تخرجى من 3 أعوام لم أجد فرصة عمل حتى الآن، أى أنى عالة على والدى، من أجل ذلك قررت أمشى داخل الحيط".
أما الثالث فوجدته ثائراً، مؤكداًَ أن الأمر يحتاج للقوة، لأن النظام لا يتعامل مع معارضيه إلا بالقوة، ولابد من استخددام العنف للتخلص من هذا النظام!
أما الرابع فوجدته يميل للركوب الموجة ورفع الراية البيضاء، وقال "أنا عن نفسى شايف أن الفساد مش هيخلص والكبار مش هيسمحوا لأحد ان يتنفس الحرية، وأرى على الجميع أن يستفيدوا من الواقع ويدخلوا فى "زواريق" النظام، ويرفعوا شعار "سلم تسلم وقرب حبة تزيد محبة"، وارحمونا من شعارات النضال اللى هتخلى بشوات الشرطة تورين النجوم فى عز الضهر".
أما الأخير فوجدت فى عينة حيرة، فصممت أن يتكلم فرفض فى أول الأمر، لكن مع إلحاحى قال "كلنا عارفين الصح والغلط، وكلنا عارفين أن لبلد بتغرق، والنظام أسوأ نظام حاكم فى تاريخ مصر، والخطير أن كل المثقفين وأصحاب الرأى بيقولوا كده، فى المحافل العامة وأمام الفضائيات، لكن مش شايف إن فى حل، النظام خلانا كلنا نكره حياتنا ونكره اليوم اللى اتولدنا فيه، المهم أنا لدى قناعة بأن كلنا بنغوص فى وحل الفساد السياسى والاجتماعى والاقتصادى، ومش شايفين طوق نجاة، حتى الأحزاب والقوى السياسية والإخوان كل واحد منهم بيسعى للتغيير بطريقته، وفى بعض الأحيان بينتحروا عشان يثبتوا من أكثر قوى وتواجد، ومش عاوزين يتجمعوا، يبقى إيه الحل التغيير يبدأ منين؟".
ولن أزيد اليوم فى مقالى عن نقل آراء هؤلاء الشباب وعلامات الاستفهام التى أثاروها، حتى يضع كل منا هذه الحالة التى وصل لها الشباب وفقدان الأمل لديهم نصب عينيه، ولا أخفيكم أن لقائى بهؤلاء الشباب جعلنى حائراً معطيهم بعض العذر، رافضاً بالطبع استسلامهم، لكنه واقع نحتاج جميعاً أن نشارك فى تغييره وغداً فى مقالى أطرح رؤيتى نحو تحرير الشباب من حالة اليأس التى سيطرت عليهم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة